للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مذكرات أو اعترافات، والمقالات التي على شكل خواطر وتأملات، وهكذا.

وللمقال العلميّ كذلك أنواع تختلف باختلاف المادة العلمية التي يخوض فيها الكاتب؛ فمقال في مادة التاريخ، وآخر في مادة الطب، وثالث في مادة الفلسفة، ورابع في مادة الأدب، من الناحية الوصفية لا الإنشائية، وهكذا, غير أنه يشترط في المقال العلميّ -إذا أريد نشره في صحيفة من الصحف- أن يبذل المحرر جهدًا كبيرًا في تبسيطه للقارئ، وبغير هذا لا تكون للصحيفة حاجة إلى نشره، أو العناية به.

والمقال الصحفيّ ينقسم هو الآخر إلى أنواع؛ منها: المقال الافتتاحيّ, أو العمود الرئيسيّ، والعمود العاديّ, والتقرير بأشكاله المختلفة التي هي: الحديث والتحقيق والماجريات بأنواعها المعروفة.

إلَّا أننا مع هذا وذاك, لا نستطيع ولو حرصنا أن نفصل فصلًا تامًّا بين هذه الأقسام الرئيسة الثلاثة التي هي: المقال الأدبيّ، والمقال العلميّ، والمقال الصحفيّ، والسبب في ذلك أنها تتلاقى في كثير من الأحيان، وتدع الباحث المدقق في حيرة من الأمر.

خذ لذلك مثلًا: مقال النقد، فإنك ترى هذا الفن من فنون القول ذاتيًّا وموضوعيًّا في وقت معًا، أو بعبارة أخرى: نراه فنًّا وعلمًا في آنٍ واحد، له من الفن ذاتيته، وله من العلم موضوعيته.

فالنقد علم بمعنى أن له أصولًا وقواعد تنبغي مراعاتها، ولا يستطيع الناقد أن يتجاهلها بحالٍ من الأحوال, والنقد فنٌّ بمعنى أن صاحبه في استطاعته أن يبني نقده على ذوقه الخاص، وشعوره الخاص نحو القطعة الأدبية أو الفنية التي يتعرض لها النقد، ويزنها بميزانه، ويطبق عليها أصوله.

فماذا نسمي المقال النقديّ إذن؟ أنسميه مقالًا أدبيًّا صرفًا؟ أم نسميه مقالًا علميًّا صرفًا، أم ننظر إليه على أنه مزاج من المقالين؟

وبمثل هذه الطريقة في الواقع تتلاقى فنون المقال على اختلافها، ويتداخل

<<  <   >  >>