كثير من الناس على حقٍّ حين يقولون: إن الجديد في الصحافة الحديثة هو "فن التحقيق الصحفيّ"، وإن كان التاريخ يحدثنا أن التحقيق فنٌّ قديمٌ في الصحافة الأوروبية، فيذكر لنا عن ديفو "DEFOE" أنه أول من اهتدى إلى هذا الفنِّ في الصحافة الإنجليزية، ثم أتى بعده ثور ثكليف THORNELIFF عام ١٨٩٦ فجعل من فن التحقيق الصحفيّ ركنًا هامًّا في صحيفته الشعبية، "ديلي ميل" وبفضل الجهود التي بذلها هذا الصحفيّ الأخير، وبذلها أمثاله من الصحفيين تغير مزاج القراء الإنجليز، وأصبح هؤلاء القراء يشبعون رغباتهم عن طريق "التحقيق الصحفيّ" أكثر مما يشبعونها عن طريق القصص.
ولا غرابة في ذلك, فقد جدَّت ظروف غير وجه المجتمع الإنجليزي إذ ذاك ومنها:
أولًا: انتشار التعليم الذي أصبح في متناول أكبر عدد ممكن من أفراد الشعب منذ ذلك الوقت.
ثانيًا: انتصار الديموقراطية على الأرستقراطية في انجلترا، ومعها أكثر بلاد العالم المتمدن.
ثالثًا: تقدم الوعي الاجتماعيّ، وهو الوعي الذي نبَّه الأذهان إلى كثير من المشكلات الاجتماعية، وحرَّك في النفوس كل رغبةٍ في الوصول إلى حلٍّ لها بمختلف الطرق.
رابعًا: تقدم علم النفس، وعلم الأخلاق، وجنوح الكتاب المحدثين في كتاباتهم إلى التحليل النفسيّ لجميع الشخصيات التي يكتبون عنها، سواء