للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[مقال الاعترافات]

لسنا نعرف كذلك أن كاتبًا بلغ في هذا الفن من فنون المقال الأدبيِّ بعض ما بلغه الدكتور طه حسين في كتابه المعروف "بالأيام".

وهو صورة نابضة بالحياة، زاخرة بالمعاني، رسمها كاتب قدير عرف بغزارة العاطفة، وجمال التصوير، وعذوبة العبارة.

وقد زعم الكثيرون أن كتاب "الأيام" محدود الجوانب, قصره كاتبه على وصف حياته في القرية، ولكن هذا الزعم بعيد عن الصواب؛ لأن الكتاب صورةٌ رائعةٌ للقرية المصرية بما فيها، ومن عليها، فضلًا عن كونه في نفس الوقت صورة رائعة أيضًا لكفاح شابٍّ فقد البصر منذ الصغر، ولكنه ناضل في حياته حتى أصبح ملء السمع وملء البصر!

والكتاب من هذه الناحية الأخيرة أشبه بكتاب أمريكيٍّ كان له تأثير كبير في الأوساط الأدبية، وعنوانه: "العالم عند أطراف أصابعي".

والحقيقة التي لا مراء فيها أن القرية المصرية لم تظفر بقصةٍ وافيةٍ تصورها هذا التصوير الجديد، كما ظفرت بذلك كله في كتاب "الأيام".

من أجل هذا أقبل المصريون وقراء العربية إقبالًا منقطع النظير على قراءة هذه المقالات منذ نشرت تباعًا في مجلة الهلال عام ١٩٢٦، ثم جمعت فيما بعد في كتاب، ثم ترجم هذا الكتاب إلى عدد غير قليل من اللغات الأجنبية؛ فوجد أصحاب هذه اللغات في قراءته أضعاف اللذة التي وجدها أصحاب العربية.

ومهما يكن من شيءٍ، فإن كتاب "الأيام" يمتاز بأمور شتَّى يمكن

<<  <   >  >>