للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[هذا الكتاب]

"١"

كنا قبل اليوم حين نتحدث في دروس الأدب عن النثر نقول إنه نوعان:

أولهما: النثر العاديّ, أو لغة التخاطب، وهو النثر الذي نصطنعه في حياتنا اليومية، وليس هذا النثر أدبًا, ولا ينبغي له أن يكون منه في شيء.

وثانيهما: النثر الفنيّ، وهو النثر الذي نتجاوز به لغة التخاطب العادية إلى حيث يتوفر فيه شرطان أساسيان هما: التفكير من جهة، والجمال من جهة ثانية، وهذا النوع الأخير يعتبر أدبًا، ولا يشك أحدٌ في أنه جزء منه.

كنا قديمًا نقسم النثر في دروس الأدب هذا التقسيم, أما الآن -ومنذ ظهور الصحافة- فنحن مضطرون إلى أن نقسم النثر أقسامًا ثلاثة, هي:

النثر العاديّ، أو لغة التخاطب.

والنثر الفنيّ، أو لغة الأدب.

والنثر العلميّ، أو لغة الصحافة.

وهذا النثر الأخير يقف في منتصف الطريق بين النوعين المتقدمين، له من الأول عاديته وألفته وسهولته وشعبيته، وله من الثاني حظَّه من التفكير، وحظه كذلك من عذوبة التعبير، ولكن لا يشترط فيه دائمًا أن يسمو بتعبيره إلى مرتبة النثر الفنيِّ الخالص.

نقول: لا يشترط دائمًا فيه ذلك؛ لأن سموَّ النثر العمليّ أو الصحفيّ إلى مرتبة النثر الفنيّ أو الأدبيِّ ليس من الأمور المحظورة على الصحافة، بل كثيرًا ما نرى بعض المواد التي تنشرها الصحيفة تتطلب هذا المستوى الرفيع من جمال التعبير، كما سنوضح ذلك في غير هذا الموضع من الكتاب -إن شاء الله.

<<  <   >  >>