للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

من أجل ذلك يصف الأوربيون الصحافة بأنها: "الأدب العاجل" وبأنها: "أدب غير خالد"، ذلك بأنها أدب وقتيّ، والمحرر الصحفيُّ لا ينفق فيها من الجهد ما ينفقه الأديب.

"٢"

نحن نعلم أن المشتغلين بالصحافة كانوا دائمًا -وإلى عهد قريب- من رجال الأدب، ليس ذلك في مصر وحدها، ولكن فيها وفي غيرها من الأمم، وكان لذلك أثره في اللغة نفسها، فقد كان الصحفيون قديمًا لا يعرفون كيف يفرقون بين اللغة التي تستخدم في الصحافة, واللغة التي تستخدم في الأدب، ثم سرعان ما أصبحت الصحافة حرفةً من الحرف, ومنذ ذلك الوقت فقط, أخذت الصحافة تنفصل شيئًا فشيئًَا عن الأدب، وصارت فنًّا قائمًا بذاته, له لغته المستقلة، وصار لهذا الفن الجديد -وهو فن التحرير الصحفيّ- أصول وقواعد، وتفرع هذا الفن الجديد أيضًا إلى فروعٍ وشعبٍ.

ونحن نعلم أن للصحافة فنونًا ثلاثةً على وجه الإجمال وهي:

أولًا: فن التحرير، وهو الموضوع الذي نتناوله في هذا الكتاب.

ثانيًا فن الإخراج، وهو الفن المتصل بالورقة والمداد والطباعة والصور والألوان، وتنسيق الصفحات، وكتابة العناوين صغيرها وكبيرها، وباختصار: هو الفن الذي يحاول به مخرج الصحيفة أن يجعل منها تحفةً فنيةً جميلةً يتسابق القراء إلى اقتنائها والانتفاع بها.

ثالثًا: فن إدارة الصحيفة, وهو فن يتصل بالترويج والتوزيع والإعلان, وغيره من الأمور التي تدر الربح على الجريدة.

تلك هي الفنون الثلاثة للصحافة, وقد رأينا -أو على الأصح- رأى "قسم التحرير والترجمة والصحافة" بكلية الآداب, أن يبدأ التأليف في الفن الأول، وهو "التحرير"، وعزم القسم بمشيئة الله أن يواصل البحث

<<  <   >  >>