للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الصحافة المصرية وخبر السفاح:

كان من أوضح الأمثلة على اتجاه الصحافة المصرية إلى الإثارة, ذلك الخبر المشهور بخبر السفاح الشقيّ "محمود سليمان".

وهو شقيٌّ من أشقياء مصر, ظهر فجأةً, وهدد الناس في أموالهم وحياتهم، وتعبت الشرطة في مطاردة هذا الشقيّ زمنًا طويلًا, لا يقل عن شهرٍ تقريبًا, وأتاح ذلك أثمن الفرص للصحافة لكي تخلق من هذا الشقيِّ في أول الأمر بطلًا يلعب بخيال الشعب، ولعبت الصحافة المصرية في هذه الحادثة دورًا يتلخص في المراحل الآتية:

الأولى: اتسمت الصحافة المصرية فيها بالمبالغة في وصف الحادث, واستغلال الموضوع لإثارة القارئ.

الثانية: تسابقت الصحف في نشر صورة المجرم في مكان ظاهر بالجريدة، ونوهت الصحف كذلك بالمكافآة التي رصدتها وزارة الداخلية لمن يقبض عليه، ثم اختفت من الصحف بعض العنوانات المثيرة والقصص المخترعة، وحل محل ذلك اتجاه جديد للكشف عن حقيقة المجرم, ومساعدة الشرطة في القبض عليه بأقرب وقت ممكن، وكل ذلك كان بوحي من وزارة الداخلية وتوجيه منها.

الثالثة: قُضِيَ على المجرم في التاسع من شهر إبريل سنة ١٩٦٠؛ وإذ ذاك عنيت الصحف بنشر صورة المجرم، وقد مزقت جسده رصاصات الشرطة, وبدا رجالها يسحبون هذه الجثة، أو يسحلونها على الأرض كما تسحل جثث الكلاب, حتى أثار ذلك غضب الرأي العام المصريّ على هذه الوحشية.

وبالموازنة بين مختلف الصحف المصرية في طرق نشرها لهذا الخبر اتضح ما يلي:

<<  <   >  >>