للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أكثر مما يسيرون بآرائهم، والمؤمن يرى بعقيدته ما لا يرى الباحث برأيه، قد منح المؤمن من الخواص الباطنة والذوق ما قصر عن إدراكه القياس والدليل.

لقد ضلَّ من طلب الإيمان بعلم الكلام وحججه وبراهينه، فنتيجة ذلك كله عواصف في الدماغ أقصى غايتها أن تنتج رأيًا، أما الإيمان والعقيدة فموطنهما القلب، ووسائلهما مد خيوط بين الأشجار والأزهار والبحار والأنهار وبين قلب الإنسان، ومن أجل هذا كانت الآية الكريمة، {أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الْأِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ, وَإِلَى السَّمَاءِ كَيْفَ رُفِعَتْ, وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ, وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَت} أفعل في الإيمان من قولهم: "العالم متغير, وكل متغير حادث" فالأول عقيدة, والثاني رأي.

الناس إنما يخضعون لذى العقيدة، وليس ذوو الرأي إلّا ثرثارين عنوا بظواهر الحج أكثر مما عنوا بالواقع، لا يزالون يتجادلون في آرائهم حتى يأتي ذو العقيدة فيكتسحهم ...

وسار الكاتب في مقاله على هذا المنهج حتى ختمه بقوله:

"ليس ينقص الشرق لنهوضه رأي، ولكن تنقصه العقيدة، فلو منح الشرق عظماء يعتقدون ما يقولون لتغير وجهه، وحال حاله، وأصبح شيئا آخر.

وبعد، فهل حرم الإيمان مهبط الإيمان؟

إن هذا المقال إلى الخواطر الفلسفية أدنى منه إلى الخواطر الأدبية، أو الاجتماعية، وهو نموذج جيد لهذا الطراز بنوع خاص.

<<  <   >  >>