للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إن معنى ذلك إذن, أن المقال يكون وليدًا للصدفة حينًا، وللتأمل والتفكير الطويل حينًا آخر، ومن هنا كانت "العين الصحفية" بالنسبة للمقال "كالأنف الصحفية" بالنسبة للأخبار.

يقص علينا الكاتب الأمريكيّ "ويلزلي Welseley" في كتابه: "عالم المجلات" حكايةً بسيطةً عن طالبتين في إحدى كليات الصحافة، طلب الأستاذ إلى إحداهما أن تكتب ثلاث مقالاتٍ في موضوع الدين، ورأت الطالبة أن هذا الطلب معقول بالنسبة لها، فقد قالت: إن لديها قدرًا من الثقافة الدينية يسمح لها بذلك، وفرغت من كتابة المقالات الثلاث، فجاء المقال الأول خليطًا من المعلومات الخاطئة، والعبارات الدالة على التعصب الأعمى، كما جاء مشتملًا على فقرات تشير -على طريقة السرد- إلى بعض العقائد الدينية السائدة.

وقرأ الأستاذ المقال فلم يرق في نظره، وسأل الطالبة عن عملها الخارجيّ, فقالت: إنها تشتغل بتجارة "الأبسطة المصنوعة من خيوط النايلون", فطلب إليها أن تكتب ثلاث مقالاتٍ أخرى عن هذا النوع من الأبسطة، وأن تضمن المقال رأيها في تنسيق البيوت، وطريقة تزيينها بهذا النوع من المفروشات، ثم اقترح الأستاذ عليها أن تبعث بهذه المقالات رأسًا إلى مجلة بعينها، وكتبت الطالبة هذه المواد, وبعثت بها إلى هذه المجلة، فلم تلبث أن تلقت من محررة القسم النسائيّ بها دعوةً لتناول الغداء معها في المنزل، وناقشتها المحررة في محتويات المقالات الثلاث، ولما تمت المقابلة عرضت الطالبة آراءها وتعديلاتها لبعض الأجزاء في هذه المقالات، ثم نشرتها تباعًا في المجلة، وكتبت الطالبة لأستاذها بعد ذلك له تقول: لقد تحققت المعجزة، ونشرت المجلة جميع المقالات، وبعد سنوات التحقت هذه الطالبة بهيئة التحرير في هذه المجلة.

<<  <   >  >>