للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تقول "إليزابيت بوين" في تعريف "الرواية والحقيقة":

إنها -أي: الرواية- قصةٌ مبتكرةٌ، ولكنها في الوقت نفسه، ورغم كونها مبتكرةً, فإن لها القدرة على الإيحاء بالصدق، وقد يتساءل البعض، وما قياس هذا الصدق؟

فأقول: إنه بالنسبة للحياة كما يعرفها القارئ، أو ربما كما يتحسسها هذا القارئ، وأنا إنما أعني: القارئ الناضج الكامل النمو، فمثل هذا القارئ يكون قد اجتاز مرحلة قراءة القصص الخرافية، ونحن لا نريد في الرواية شيئًا من الأحداث الغريبة المستحيلة، ولهذا فإني أؤكد بأن الرواية يجب أن تنطبق على الواقع كما يعرفه الناضجون من الناس في المجتمع.

ومعنى ذلك: أن الرواية ليست نشرة إخبارية، كما أنها ليست حوادث مثيرةً للحس، أو مثيرةً للنظر، وهنا يأتي دور الشرارة التي تبعث الحياة الحقيقية في الرواية، وهي خيال الكاتب صاحب القدرة الممتازة، وهذا الخيال لا يقتصر على الاختراع، بل إنه يدرك الأشياء, ويمسها, ويضاعف من الأشياء التي تبدو عاديةً مألوفةً، وهو يمدها بقوة جديدة، ويزيد من أهميتها، ويؤكد صدقها، كما يعطيها حقيقة داخلية عميقة، وهذا هو مفهوم الفن الروائي.

وقفت "اليزابيت يومين" عند ثلاث خصائص للقصة وهي:

أولًا: أن تكون بسيطةً واضحةً سهلة الفهم.

ثانيًا: أن تكون طريفةً بحيث تدور حول أزمة من الأزمات، أو تعالج مشكلة ذات أهمية كبرى بالنسبة للكاتب أو للقارئ في حياته الخاصة.

ثالثًا: أن تكون ذات بداية جيدة، كأن تنطلق من موقف مشحون بالأمل، أو على الأقل توحي للقارئ بأن مثل هذا الموقف واقع وموجود بالفعل.

<<  <   >  >>