للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الخبر، والمقال، والتقرير، فهذا الفن الأخير-وهو التقرير- وإن كان في الواقع يحمل صفة الإخبار، أو الإعلام، فإنه في نفس الوقت يكتب بطريقةٍ مخالفةٍ كل المخالفة للطريقة التي تكتب بها الأخبار، والاختلاف بين الخبر والتقرير في طريقة التحرير كافٍ عندنا للفصل بينهما، ودراسة الخصائص الفنية لكلٍّ على حدةٍ.

فلئن كانت القصة الإخبارية تجيب دائمًا عن الأسئلة الخمسة أو الستة المعروفة، وهي: من، وماذا، ولماذا، وأين، ومتى، وكيف، فالتقرير الصحفيّ كثيرًا ما يكتفي بالإجابة عن سؤال: لماذا أو كيف، ويقف عند هذا الحد.

ولئن كانت الإجابة عن سؤال "كيف" تأتي في المرتبة الثانية من حيث الأهمية في القصة الإخبارية، أي: أنها تجيء لمجرد التفسير في الفقرة الثالثة، أو الرابعة، أو الخامسة من صلب هذه القصة، فإن الإجابة عن سؤال "كيف" يلعب الدور الهام في التحقيق الصحفيّ -بنوع خاصٍّ- ويكاد يدور عليه هذا التقرير من أوله إلى آخره.

ولئن كانت القصة الإخبارية إنما تصاغ على شكل هرمٍ مقلوبٍ، فإن التحقيق الصحفيَّ بالذات -كالمقال الصحفيِّ- يتبع نظام الهرم القائم أو المعتدل، بمعنى أن الأجزاء التي هي أقل في الأهمية تأتي في بداية الكلام، ثم تتدرج الأجزاء الأخرى إلى أعلى شيئًا فشيئًا، حتى تصل في التقرير-كما تصل في المقال- إلى الذروة Climex، ويستثنى من ذلك في الماجريات: قضائية، وبرلمانية، وسياسية، كما سنرى ذلك في موضعه من هذا البحث.

ولئن كان الخبر الصحفيُّ لا يسمح لمحرره مطلقًا بإظهار شخصيته على نحوٍ ما؛ لأنه يتبع في تحريره أسلوبًا يشبه الأساليب العلمية ذات الصبغة الموضوعية، فإن التقرير الصحفيَّ من حديثٍ، وتحقيقٍ، وماجرياتٍ، يحمل

<<  <   >  >>