ثم نعود إلى المبنى عليه ثم نعود إلى المبنى فنقول ذهبت الجماهير إلى أن العلة الواحدة الشرعية يجوز أن يترتب عليها حكمان شرعيان مختلفا
وخالف شرذمة قليلون وحجة الجمهور أن العلة إن فسرت بالمعرف فجوازه ظاهر إذ لا يمتنع لا عقلا ولا شرعا نصب إمارة واحدة على حكمين مختلفين
قال الآمدي وذلك مما لا نعرف فيه خلافا كما لو قال الشارع جعلت طلوع الهلال أمارة على وجوب الصوم والصلاة وإن فسرت بالباعث فلا يمتنع أيضا أن يكون الوصف الواحد باعثا على حكمين مختلفين أي مناسبا لهما بأمر مشترك بينهما كمناسبة الربا وللشرب للتحريم ووجوب الحد والقتل للقصاص والكفارة وحرمان الميراث وإن فسرت بالموجب وكانت العلة مركبة لم يمتنع ذلك أيضا لجواز أن يكون الموجب المركب مصدرا لأثرين مختلفين كما في العلل الفعلية المركبة وإن كانت بسيطة فكذلك إذ لا يتمنع أن تكون العلة البسيطة موجبة لأثرين مختلفين لأن القول بأن الواحد لا يصدر عنه إلا الواحد مقطوع ببطلانه على أن القول يكون العلة الشرعية موجبة باطل
وأيضا دليل الجواز الوقوع وقد وقع كما عرفت واعتل المانع بما لا يعصم ولا يرتضى ذكره
إذا عرفت ذلك فإن قلنا بمذهب الجماهير فقد يعلل بالعلة متماثلان كالقتل الصادر من زيد ومن عمرو فإنه يوجب القصاص على كل واحد منهما ولا يتأتى ذلك في الذات الواحد لاستحالة اجتماع المثلين
وقد يعلل بها مختلفان غير متضادين كالحيض لحرمة الوطء ومس المصحف
وقد يعلل بها ملولان متضادان وعلى ذكر هذا القسم اقتصر في الكتاب وذلك لا يكون إلا بشرطين متضادين كالجسم يكون علة للسكون بشرط البقاء في الحيز وعلة للحركة بشرط الانتقال عنه وإنما قلنا يشترط فيهما شرطان لأنه لا يمكن اقتضاؤهما لها بلا شرط أصلا أو لبعضهما بشرط دون الآخر وإلا يلزم اجتماع الضدين وهو محال وإنما قلنا يشترط التضاد في الشرطين لأنه لو أمكن