قال الثانية الفاء للتعقيب إجماعا ولهذا ربط به الجزاء إذا لم يكن فعلا.
وقوله لا تفتروا على الله كذبا فيستحكم مجاز..
الفاء للتعقيب أي يدل على وقوع الثاني عقيب الأول من غير مهلة ولكن في كل بحبسه كقولك دخلت بغداد فالبصرة وقولك قمت فمشيت فالأول أفاد التعقيب على ما يمكن والثاني أفاده على الأثر إذ هو ممكن واستدل في الكتاب على أنها للتعقيب بإجماع أهل اللغة على ذلك وقد قلد في نقل هذا الإجماع الإمام وليس بجيد فقد ذهب الجرمي إلى أنها للترتيب إلا في الأماكن والمطر فلا ترتيب تقول.
عفا مكان كذا فكان كذا وإن كانت عفاهما في وقت واحد ونزل المطر مكان كذا فمكان هكذا وإن كان نزولهما في وقت واحد وزعم الفراء أن ما بعد الفاء يكون سابقا إذا كان في الكلام ما يدل عليه وجعل من ذك قوله تعالى:{وَكَمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا فَجَاءَهَا بَأْسُنَا بَيَاتاً أَوْ هُمْ قَائِلُونَ} ١ ومعلوم أن مجيء البأس سابق للهلاك وزعم الفراء أيضا أن الفعلين إذا كان وقوعهما في وقت واحد ويؤولان إلى معنى واحد فإنك مخير في عطف أيهما شئت على الآخر بالفاء تقول أحسنت إلي فأعطيتني وأعطيتني فأحسنت إلي.
قوله ولهذا أعلم أن الإمام نقل أن منهم من احتج على أن الفاء للتعقيب بأنها لو لم تكن للتعقيب لما دخلت على الجزاء إذا لم تكن بلفظ الماضي والمضارع لكنها تدخل فهي للتعقيب بيان الملازمة أن جزاء الشرط قد يكون بلفظ الماضي كقولك من دخل داري أكرمته أو بلفظ المضارع من دخل يكرم وقد يكون لا بهاتين اللفظتين وحينئذ لا بد من ذكر الفاء كقولك من دخل داري فله درهم.