للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من يفعل الحسنات الله يشكرها ... والشر بالشر عند الله سيان١

فقد أنكره المبرد وزعم أن الرواية الصحيحة من يفعل الخير فالرحمن يشكره وإذا أوجب دخول الفاء على الجزاء وثبت أن الجزاء لا بد وأن يحصل عقيب الشرط علمنا أن الفاء للتعقيب قوله وقوله: {لا تَفْتَرُوا} جواب عن سؤال مقدر تقديره أن يقال قد جاءت الفاء بمعنى التعقيب في قوله: {لا تَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ كَذِباً فَيُسْحِتَكُمْ بِعَذَابٍ} ٢ والإسحات لا يقع عقيب الافتراء بل يتراخى إلى الآخره وجوابه أن الفاء قد ثبت بما قررناه من الدليلين أنها حقيقة في التعقيب فوجب حمل ما ذكرتموه على المجاز وذلك لأن الإسحات لما كان متحقق الوقوع جزاء للافتراء نزل منزلة الواقع عقيبه.

فرع قضية اقتضاء الفاء التعقيب أنه إذا قال مثلا إن دخلت الدار فكلمت زيدا فأنت طالق فلا بد من وقوع الطلاق من وقوع كلامها لزيد عقيب دخولها.

وحكى الأصحاب وجهين فيما إذا قال لعبده إذا مت فشئت فأنت حر أصحها عند الأكثرين اشتراط اتصال المشيئة بالموت لكون الفاء تقتضي التعقيب وهما جاريان في سائر التعليقات.


١ قاله كعب بن مالك ويروى:
من يفعل الحسنات الله يشكرها
والشر بالشر عند الله مثلان
٢ سورة طه آية: ٦١.

<<  <  ج: ص:  >  >>