لعدم تكليفهم في شيء من الإعصار بالاجتهاد وتفويت معائشهم واستضرارهم بالاشتغال بأسبابه دون المجتهد لأنه مأمور باعتبار قيل معارض بعموم فاسألوا {أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} وقول عبد الرحمن لعثمان أبايعك على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وسيرة الشيخين قلنا الأول مخصوص وإلا لوجب بعد الاجتهاد والثاني في الأقضية والمراد من السيرة لزوم العدل
"ش" هذه المسألة ناظرة فيما يتعلق كالمفتى باحثة عمن يجوز له الاستفتاء ومن لا يجوز فنقول للمكلف حالات الأولى أن يكون عاميا صرفا لم يحصل شيئا من العلوم التي يترقى بها إلى منازل المجتهدين فالجماهير على أنه يجوز له الاستفتاء ويجب عليه التقليد في فروع الشريعة جميعها ولا ينفعه ما عنده من علوم لا تؤدي إلى الاجتهاد وإن كانت عدد الحصى ومنع منه معتزلة بغداد مطلقا وقالوا يجب عليه الوقوف على طريق الحكم ولا يرجع إلى العالم إلا لينبهه على أصولها وطريقة النظر فيها قال القاضي عبد الوهاب وعلى هذا جعفر بن مبشر وجعفر بن حرب منهم وفصل الجبائي فقال يجوز في المسائل الاجتهادية دون ما عداها كالعبادات الخمس الحالة الثانية العالم الذي تعالى عن رتبة العامة بتحصيل بعض العلوم المعتبرة ولم يحط بمنصب الاجتهاد فالمختار في أن حكمه حكم العامي الصرف لعجزه عن الاجتهاد
وقال قوم لا يجوز له ذلك ويجب عليه معرفة الحكم بطريقة لأن له صلاحية معرفة طرق الأحكام بخلاف العامي
واستدل المصنف على جواز الاستفتاء للعامي سواء كان عاميا وهو المذكور في الحالة الأولى أو عالما وهو المذكور في الثانية بوجهين
أحدهما إجماع السلف عليه إذ لم يكلفوا العوام في عصر من الأعصار