قال ولم يثبت تعيين الواضع والشيخ زعم أنه تعالى وضعه ووقف عباده عليه لقوله تعالى:{وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا} ، {مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ} ، {وَاخْتِلافُ أَلْسِنَتِكُمْ} ولأنها لو كانت اصطلاحية لاحتيج في تعريفها إلى اصطلاح آخر ويتسلسل ولجاز التغيير فيرتفع الأمان عن الشرع وأجيب بأن الأسماء سمات الأشياء وخصائصها أو ما سبق وضعها والذم للاعتقاد والتوقيف يعارضه الإقدار والتعليم بالترديد والقرائن كما للأطفال والتغيير لو وقع لاشتهر وقال أبو هاشم الكل مصطلح وإلا فالتوقيف إما بالوحي فيتقدم البعثة وهي متأخرة لقوله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ} أو بخلق علم ضروري في عاقل فيعرفه تعالى ضرورة فلا يكون مكلفا أو في غيره وهو بعيد وأجيب بأنه يلهم العاقل بأن واضعا وضعها وإن سلم لم يكن بالمعرفة فقط وقال الأستاذ ما وقع به التنبيه إلى الاصطلاح توقيفي والباقي مصطلح.
هذا الفصل باحث عن الوضع وهو الأمر الخامس فنقول ذهب عباد بن سليمان الصيمري ومن وافقه إلى أن دلالة اللفظ على المعنى لمناسبة طبيعية بينهما وهذا يحتمل وجهين:
أحدهما: وهو الذي اقتضاه نقل الآمدي عنه أن تلك المناسبة الطبيعية حاملة للواضع على الوضع وهو أقل نكيرا ولا يمكن ادعاؤه في كل الألفاظ واللغات إذ لو كان كذلك لما وقع المشترك بين الضدين ولما اختلفت دلالات الألفاظ على معانيها باختلاف الأمم والأزمنة إذ المناسبة الطبيعية لا تختلف باختلافها.