قال الرابعة: يجوز تخصيص المنطوق بالمفهوم لأنه دليل كتخصيص خلق الماء طهورا لا ينجسه شيء إلا ما غير طعمه أو ريحه أو لونه بمفهوم إذا بلغ الماء قلتين لم يحمل خبثا.
قال الآمدي لا نعرف خلافا بين القائلين بالعموم والمفهوم أنه يجوز تخصيص العموم بالمفهوم وسواء كان من قبيل مفهوم الموافقة أم المخالفة أما الإمام فتوقف في ذلك ولم يختر شيئا وقال سراج الدين في جوازه نظر وجزم في المنتخب بأنه لا يجوز ونقله أبو الخطاب الحنبلي عن بعضهم كما ذكر الاصفهاني.
وقال ابن دقيق العيد في الكلام على الحديث الثاني في شرح الإمام أنه رأى في كلام بعض المتأخرين ما يقتضي أنه لا تخصيص بالمفهوم وقد حصلنا من هذا القول على أن الخلاف في تخصيص العموم بالمفهوم موجود وقال صفي الدين لا يستراب في جواز التخصيص بمفهوم الموافقة وهذا حسن وينبغي ان يجعل محل الخلاف في مفهوم المخالفة ويؤيده ان الإمام صرح في آخر الناسخ والمنسوخ قبل القسم الثالث فيما يظن أنه ناسخ بأن الفحوى يكون ناسخا بالاتفاق وكذلك الآمدي فأدعى الإتفاق ايضا واحتج المصنف على الجواز مطلقا بأنه دليل شرعي إذ القول بجواز التخصيص بأنه حجة وإذا كان كذلك فيخصص به جمعا بين الدليلين ومثل له المصنف بقوله عليه السلام:"خلق الماء طهورا لا ينجسه شيء إلا ما غير طعمه او ريحه" ١ مع قوله عليه السلام: "إذا بلغ الماء قلتين لم يحمل الخبث" فإن الأول دل بمنطوقه على ان الماء لا ينجس عند عدم التغيير وإن لم يكن قلتين والثاني دل بمفهومه الذي هو مفهوم شرط وهو حجة على ان القليل ينجس وإن لم يتغير فيكون هذا المفهوم تخصيصا لمنطوق الأول وقد سبق الكلام على الحدثين ولم يمثل لمفهوم الموافقة لظهوره ومثاله ان يقول من أساء إليك فعاقبه ثم يقول ان أساء إليك زيد فلا تقل له أف.