أحدها: ان هذا الخلاف الذي في تجوير تخصيص عموم الكتاب بخبر الواحد هل هو جار في تخصيص السنة المتواترة به الظاهر وهو الذي صرح به في الكتاب نعم والمصنف وإن كان منسوبا في ذلك الى التقرير عن الإمام وأصحابه وغيرهم من المتأخرين فهو آت بحق فقد سبقه بذلك القاضي رضي الله عنه فقال في مختصر التقريب القول في تخصيص الكتاب والسنة المقطوع بها بأخبار الآحاد اعلم وفقك الله ان هذا باب عظيم.
خلاف العلماء فيه ثم ساق المذاهب المذكورة.
الثانية: لعلك تقول قد سبق أن ابن أبان يرى أن العام المخصوص ليس بحجة فكيف الجمع بينه وبين ما ذكره هنا والجواب أن الجمع بينهما أنه لا يحتج بالعام المخصوص لكونه صار مجازا وليس بعض المحامل أولى من البعض بالعام المخصوص لكونه صار مجازا وليس بعض المحامل أولى من البعض فيصير مجملا عنده فإذا جاء مخصص بعد ذلك جزمنا بإخراج ما دل عليه بعد أن كنا لا نحكم عليه بشيء ويبقى الباقي على ما كان عليه لا يحتج به ولا يجزم لعدم إرادته فالمخصص مبني لكون ذلك الفرد غير مراد وساكت عن الباقي فلا منافاة بين الكلامين وهذا الجمع قرره والدي أحسن الله إليه ورأيت أنا بعد ذلك القاضي في مختصر التقريب قال بعد حكاية مذهب ابن أبان هذا مبني على أصل له قدمناه وهو أن العموم إذا خص بعضه صار مجملا في بقية المسميات لا يسوغ الاستدلال باللفظ المجمل في عموم ولا خصوص قبل ورود الخبر وبعده انتهى وهذا حسن نفيس.
الثالثة: قال القرافي المحدثون والنحاة على عدم صرف أبان قال ونقله ابن يعيش في شرح المفصل عن الجمهور وقال إنه بناء على أن وزنه أفعل واصله أبين صيغه مبالغة في الظهور الذي هو البيان والابانه فيقول هذا أبين من هذا أي أظهر منه وأوضح فلوحظ أصله مع العلمية التي فيها فلم يصرف.
قال: لنا أعمال الدليلين ولو من وجه أولى قيل قال عليه الصلاة والسلام: "إذا روي عني حديث فاعرضوه على كتاب الله فإن وافقه فاقبلوه وإن خالفه فردوه" قلنا منقوض بالمتواتر قيل الظن لا يعارض القطع قلنا العام مقطوع المتن مظنون الدلالة والخاص بالعكس فتعادلا قيل لو خصص لنسخ قلنا التخصيص أهون