للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حرمة شيء منها وإذا انتفت الحرمة ثبتت الإباحة والثالثة قوله تعالى: {أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ١} واللام في لكم للاختصاص على جهة الانتفاع كما عرفت وليس المراد بالطيبات الحلال وإلا يلزم التكرار بل المراد ما تستطيعه النفوس واستدل على أن الأصل في المضار التحريم بما روى الدارقطني من قوله صلى الله عليه وسلم: "لا ضرر ولا ضرار٢" قال النووي في الأذكار حديث حسن وجه الاحتجاج أن الحديث دال على نفي الضرر وليس المراد نفي وقوعه ولا إمكانه فدل على أنه لنفي الجواز ويدل عليه قوله صلى الله عليه وسلم في لفظ آخر للحديث رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه: "من ضار أضر الله به" وإن انتفى الجواز ثبت التحريم وهو المدعى

"تنبيه" الضرر ألم القلب كذا قاله الأصوليون واستدلوا عليه بأن الضرب يسمى ضرارا وكذا تفويت المنفعة والشتم والاستخفاف فجعل اللفظ اسما للمشترك بين هذه الأمور وهو ألم القلب دفعا للاشتراك والذي قاله أهل اللغة أن الضرر خلاف النفع وهو أعم من هذه المقالة

قال "قيل على الأول اللام تجيء لغير النفع كقوله تعالى: {وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا} وقوله تعالى: {وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ} قلنا مجاز لاتفاق أئمة اللغة على أنها للملك ومعناه الاختصاص النافع بدليل قولهم الجل للفرس قيل المراد الاستدلال قلنا هو حاصل من نفسه فيحتمل على غيره" ش اعترض على دليل إباحة المنافع بوجهين أحدهما أنا لا نسلم أن اللام تقتضي الاختصاص بجهة الانتفاع ويدل عليه قوله تعالى: {وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا٣} وقوله: {وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ٤} إذ يمتنع في هاتين الآيتين أن تكون لاختصاص المنافع أما الأولى فلاستحالة حصول النفع في الإساءة وأما الثانية فلتنزهه تعالى عودة النفع إليه وأجاب بأن استعمال اللام فيما ذكرتم من الآيتين مجاز لاتفاق أئمة اللغة على أن اللام موضوعة لملك ومعنى الملك

الاختصاص النافع لأنه يصح إطلاقها عليه كما تقول الجل للفرس فيكون حقيقة في الاختصاص النافع ويحمل في غيره على المجاز دفعا للاشتراك واعترض القرافي على هذا الجواب


١ سورة المائدةآية ٣
٢ تقدم تخريجه قريبا
٣ سورة الإسراء آية ٧
٤ سورة آل عمران آية ١٢٩

<<  <  ج: ص:  >  >>