للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

حجة تبعا لتاج الدين صاحب الحاصل وهو ما اختاره صفي الدين الهندي وبه نقول وقال الإمام الأظهر أنه لا يفيد الظن إلا بدليل منفصل ثم بتقرير الحصول يكون حجة وهذا يعرفك أن الخلاف الواقع في أنه هل يفيد الظن لا في أن الظن المستفاد منه هل يكون حجة

ولقائل أن يقول الدليل المنفصل لا يصير ما لا يفيد الظن مقيدا للظن فإن أراد بالدليل المنفصل ما يعضد الاستقراء فالمفيد للظن حينئذ هو مجموع المنفصل والاستقراء لا الاستقراء بالدليل المنفصل فالمنفصل وإن أراد بالدليل المنفصل ما يدل على أنه مفيد للظن أو أنه حجة فسوف يأتي به إن شاء الله تعالى

وقد مثل المصنف له بقولنا الوتر يصلي على الراحلة بالإجماع منا ومن الخصم أو بالدليل الذي عليه ولا شيء من الواجبات يؤدي على الراحلة لأنا استقرأنا القضاء والأداء من الظهر والعصر وغيرهما من الواجبات فلم نر شيئا منها يؤدي على الراحلة والدليل على أنه يفيد الظن أنا إذا وجدنا صورا كثيرة داخلة تحت نوع واحد وقد اشتركت في حكم ولم نر شيئا مما نعلم أنه منها خرج عند ذلك الحكم إفادتنا هذه الكثرة بلا ريب ظن أن ذلك الحكم وهو عدم الأداء على الراحلة في مثالنا هذا من صفات ذلك النوع وهو الصلاة الواجبة ومنهم من استدل عليه بأن القياس التمثيلي حجة عند القائلين بالقياس في الحكم الشرعي وهو أقل مرتبة من الاستقراء لأنه حكم على جزئي لثبوته في جزئي آخر والاستقراء حكم على جزئي كلي لثبوته في أكثر الجزئيات فيكون أولى من القياس التمثيلي وهذا مدخولا لأنه يشترط في إلحاق الجزئي بالجزئي الآخر أن يكون بالجامع الذي هو عليه الحكم وليس الأمر في الاستقراء بل حكم على الكل بمجرد ثبوته في أكثر جزئياته ولا يمنع عقلا أن يكون بعض الأنواع مخالفا للنوع الآخر في الحكم وإن اندرجا تحت جنس واحد وإذا كان مفيدا للظن كان العمل به لازما واستدل المصنف على ذلك مما روى من قوله صلى الله عليه وسلم: "نحن نحكم بالظاهر والله متولي السرائر١" وهو حديث لا أعرفه وقد سألت عنه شيخنا الحافظ أبا عبد الله الذهبي فلم يعرفه ولو استدل بأن العمل بالظن واجب لما تقدم من الأدلة لكفاه ذلك والله أعلم


١ قال الحافظ العراقي: لا أصل له، وسئل عنه المزي فأنكره والذي في البخاري – كتاب ترك الحيل، ومسلم – كتاب: الأحكام عن أم سلمة عن النبي صلي الله عليه وسلم – قال: " إنما أنا بشر وإنكم تختصمون إلي ولعل بعضكم أن يكون ألحق بحجته من بعض فأقضي له علي نحو ما أسمع فمن قضيت له من حق اخيه شيئا فلا يأخذه فإنما أقطع له قطعة من النار"

<<  <  ج: ص:  >  >>