بكر ولعل الناقل عنه زل في كلامه وقال الغزالي هو سوء ظن به فإن الجمع عليه وجوب هذا القدر ولا مخالفة فيه والمختلف فيه سقوط الزيادة والإجماع فيه وقد علمت مما قررناه أنه ليس تمسكا بالإجماع وحده فإن قلت حاصل ما قررته أنه مركب من الإجماع وهو دليل بلا ريب ومن البراءة الأصلية وهي كذلك فما وجه جعله دليلا مستقلا برأسه وكيف يتجه ممن يوافق على الدليل المذكورين مخالفة الشافعي رحمه الله فيه فما هو إلا تمسك بمجموع هذين الدليلين الدال
أحدهما على إثبات الأقل والآخر على نفي الزيادة قلت هذا السؤال لم نزل نورده ولم يتحصل لها عنه جواب فإن قلت ما بال الشافعي اشترط أربعين في الجمعة وقد اكتفى بعض العلماء بثلاث واشترط سبعا في عدد الغسل من ولوغ الملك وقد اكتفى فيه بثلاث مرات قلت هذا سؤال لم يحط بالحقائق فالشافعي لم يخالف أصله لأن أصله الأخذ بالمتيقن وطرح المشكوك واتفق العلماء في صورة الجمعة والغسل من ولوغ الكلب بالخروج عن العهد بالأربعين وبالسبع واختلفوا في الخروج عنها بما دون ذلك فالأربعون السبع بمنزلة الأقل إذا أخذ الشافعي فيهما بالمتيقن فلا يتوهمن متوهم أنه أخذ بالأكثر فيما ذكر وإنما أخذ بالمتيقن ولا يقال قد اشترط بعض العلماء الخمسين في الجمعة وكان قياس هذا الأصل القول بالخمسين لأنا نقول وصح له دليل ينفي اشتراط الخمسين هذا ما انقدح لنا في وجوب هذا السؤال وهو ما اقتضاه إيراد الإمام أبي المظفر بن السمعان في القواطع حيث قال الأخذ بأقل ما قيل على ضربين
أحدهما أن يكون فيما أصله براءة الذمة فيختلف في قدره بعد الاتفاق على وجوبه كدية اليهودي وحكى وجهين للأصحاب فيه
والثاني أن يكون فيما هو ثابت في الذمة كالجمعة الثابت فرفضها فلا يكون الأخذ بالأقل دليلا لارتهان الذمة بها ولا تبرأ الذمة بالشك وهل يكون الأخذ بالأكثر دليلا فيه وجهان انتهى فجعل الأكثر هنا بمنزلة الأقل ثم ومن الناس من أجاب عنه بأن الشافعي لم يخالف أصله لأن شرطه عدم ورود دليل سمعي على الأكثر كما عرفت ولم يوجد هذا الشرط عنده فيما ذكرتم بل دل