لوجب الفاه لأن المفسدة في فواته أخف من المفسدة في فوات أرواح الناس فإن قلت لو علمنا أنهم لا يقتلون الترس بعد استئصال الإسلام فما ترون
قلت الذي لاح من كلام الغزالي أولا وآخرا أن الجواز إنما هو حالة العلم باستئصال الأسارى أيضا ولكن كلام الأصحاب في حكاية الخلاف مطلق والذي يظهر لي إطلاق الجواز فإن حفظ الجمع العظيم الخارج عن حد الحصر مع خطة الدين وإعلاء كلمة الإسلام أهم في مقاصد الشرع من حفظ عشرة أنفس مثلا يصيرون مستأسرين تحت ذل الكفر فإن قلت فهلا فهمتم أن حفظ الكثير أهم من حفظ القليل في مسألة السفينة والإكراه والمخصمة
قلت إن الإجماع قام وهو لا يصادم على أنه لو أكره شخصان على قتل شخص لا يحل لهما قتله وأنه لا يحل لمسلم أكل مسلم في المخصمة فمنع الإجماع من ترجيح الكثرة بمجردها أما ترجيح الكلي فمعلوم إما على القطع أو بظن قريب منه لم يقم دليل على خلافه فقد علمت بما أوردناه وغالبه من كلام الغزالي أنه يجوز أتباع المصالح بالشروط التي سردناها وبأن لك أن الاستصلاح ليس أصلا خامسا برأسه بل من استصلح فقد شرع كما أن من استحسن فقد شرع فلنلتفت إلى الكلام مع إمام دار الهجرة مالك رضي الله عنه حيث اعتبر جنس المصالح مطلقا وقد نقل ناقلون هذا عن الشافعي رحمه الله ولم يصح عنه والذي نقله عنه إمام الحرمين أنه لا يستجيز التنائي والإفراط في البعد وإنما يسوغ تعليق الأحكام بمصالح يراها شبيهة بالمصالح المعتبرة وفاقا وبالمصالح المستندة إلى أحكام ثابتة الأصول قارة في الشريعة
واختار إمام الحرمين ذلك أو نحوا منه وإذا حقق التفصيل الذي ذكرناه عن الغزالي لم يكن بعيدا من هذا إذا عرفت هذا فنقول قال إمام الحرمين الذي ننكره من مذهب مالك ترك رعاية ذلك وجريانه على استرساله في الاستصواب من غير اقتصاد ونحن نعرض على مالك واقعة وقعت نادرة لا يعهد مثلها ونقول له لو رأى ذو نظر فيها جذع أنف أو اصطلاح شفة وأبدى رأيا لا تنكره العقول صائرا إلى أن العقوبات مشروعة لحسم الفواحش وهذه العقوبة لائقة بهذه النازلة للزمك التزام هذا لأنك تجوز لأصحاب الإيالات القتل