للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عكسه وهو إثبات الفساد بعدم ما يدل على الجواز وأما اختيار الإمام فعليه كلام طويل ولا نرى الاشتغال بذكره لأن صاحب الكتاب يعمل بحكايته واقتصر في المسألة كلها عن مجرد حكاية المذاهب فلنتبعه في الاختصار وقوله وحينئذ أي إذا قلنا بتجويز تعادل الأمارتين في نفس الأمر وتعادلهما فذهب القاضي أبو بكر وأبو علي وابنه أبو هاشم إلى التخيير فيعمل المجتهد في شأنه بما شاء ويخير العامي في الاستفتاء ويختار أحد الأمرين في الحكم للمتخاصمين ولا يخبرهما درأه للتخاصم وذهب قوم إلى أن حكمه التساقط كالبينتين إذا تعارضتا ويرجع إلى البراءة الأصلية

وقال قوم إن وقع هذا التعادل بالنسبة إلى الواجبات فالتخيير إذ لا يمنع التخيير في الشرع بين الواجبات كما أن ملك مائتين من الإبل يجب عليه أن يخرج ما يشاء من الحقا وبنات اللبون عندما يجعل الخيرة للمالك من أصحابنا ومن دخل الكعبة استقبل ما شاء من جدرانها وإن وقع وقع بالنسبة إلى حكمين متنافيين كالإباحة والتحريم فحكمه التساقط والرجوع إلى البراءة الأصلية قوله فلو حكم أي إذا اختار القاضي إحدى الأمارتين وحكم بها لم يكن له أن يحكم بالأخرى وقد استدل على ذلك بما روى أنه صلى الله عليه وسلم قال لأبي بكر رضي الله عنه: "لا تقض في شيء واحد بحكمين مختلفين١" وهذا الحديث لا أعرفه وقد سألت عنه شيخنا الذهبى فلم يعرفه ولا يكاد المجتهد يحيط علما بتعادل الإمارتين في نفس الأمر ويخير المسافر في الركعتين وكونهما مع جواز تركهما يقعان على وجه الوجوب إنما هو في ظن المجتهد ومن أين لنا أن الحال في نفس الأمر كذلك فمن يوجب القصر من العلماء لا يجوز فعلهما لا يوجبه لا يقطع بوقوعه على وجه الوجوب إذ القطع بوقوعه على وجه الوجوب فرع كونه جائز الوقوع وكذا القول في الصلاة المعادة وقد يعلل ما ادعاه المصنف في الحاكم بأنه لو حكم بخلافه مرة أخرى لا تهم والحاكم يتوقى مظان التهم ويجري مثل هذا في المفتي وفيما أن أعمل بأحد الأمرين في شأن نفسه واطلع عليه الناس كيلا يتناقض فعله فيتهمه العامي ولا يرجع إلى فتواه


١ تقدم تخريج الحديث وصوابه "لأبي بكر" بزيادة تاء التأنيث "سنن النسائي٨/٣٤٧"

<<  <  ج: ص:  >  >>