اللغة التي يحتج بها الواصل إلى الذروة في معرفة الناسخ والمنسوخ وأسباب النزول ومعرفة الراويات وأما الحديث فلا ينكر منصف مقامه في الأخبار وإلقاءه الأحاديث من حفظه ولذلك ربما قال أخبرني الثقة ومن لا يحضرني اسمه الآن أن ذلك من آيات من آيات حفظه وشدة ضبطه وتحريه حتى قال أبو زرعة ما عند الشافعي حديث غلط فيه وقال أبو داود ما أعلم للشافعي حديثا خطأ وهو في معرفة الرجال وغير ذلك من فنون الحديث الواصل الليل بالنهار ينزل الأحاديث منازلها ويقبل كلما صح منها ويجعله مذهبه لا يفرق بين كوفي ومدني
ولذلك قال لأحمد أنتم أعلم بالحديث منا فقل لي كوفية وبصرية يعني أنكم يا أهل العراق أعلم منا معشر الحجازيين بأحاديث الكوفة والبصرة فقل لي حتى أنظر فإن كان صحيحا عملت به ولا يظن في ظان الاقتصار على أحاديث المدينة والحجاز من حيث أني من أصحاب مالك وأتى بصيغة الجمع في المخاطب والمخاطب بقوله أنتم ومنا ولم يرد الشافعي أن ابن حنبل أعلم منه بالحديث كما ظن بعض الأغبياء حاش الله وإنما أراد ما ذكرناه والملك العظيم أن أتاه رسول من أخيه الملك من بلدة أخرى يقول له أنتم أعلم بأخبار أخي مني يعني لكونكم في بلدته ولا يلزم من ذلك زيادتهم في القرب منه على أخيه ولا مساواته ولو أراد الشافعي ما زعمه بعض الأغبياء جبرا لأحمد وتأدبا معه وتعظيما لجانب تلميذه لجاز ذلك ولا لوم عليه أما فقه الحديث فهو سيد الناس في ذلك
وأما الإجماع فسيلقي من معرفة الآثار وما يصح نقله من الوفاق والخلاف وهو المنهي في ذلك هذا بيان الأصول وأما تنزيلها منازلها فهو سوق الشافعي فإن قدم كتاب الله ثم سنة نبيه صلى الله عليه وسلم مع نهاية التأدب والوقوف عندما ينبغي السوق عنه للناظر في الشريعة فإذا لم يجدها تأسا بأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في التعليق بالرأي الناشئ من قواعد الشريعة المنضبطة بأصولها ولم نر التعليق بكل وجه في الاستصواب ولا الاستحسان بما نهواه ثم رأى قواعد الشريعة منقسمة إلى ما يعلل وما لا يعلل فانسحب على الإتباع فيما لا يعقل معناه