للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وما فعله المصنف أصرح بالمقصود إذ يمتنع الترجيح في غير الإمارتين والإمام قال ليعلم الأقوى فيعمل به وحذف المصنف لفظة العلم وهو حسن إذ يكتفي في الظن بالترجيح ولقائل أن يقول جعلتم الترجيح عبارة عن التقوية التي هي مستندة إلى الشارع أو المجتهد حقيقة أو إلى ما به الترجيح مجازا وهو غير ملائم بحسب الاصطلاح وهو في الاصطلاح عبارة عن نفس ما به الترجيح فلا يجوز أن يجعل عبارة عن التقوية ذكره الهندي

وقد اتفق الأكثرون على جواز التمسك بالترجيح وأنكره بعضهم وقال عند التعارض يلزم التخيير أو الوقف ولا يرجح أحد الظنين وإن تفاوتا وهو قول مردود قال إمام الحرمين في البرهان وقد حكاه القاضي عن البصري وهو الملقب ببعل قال ولم أر ذلك في شيء من مصنفاته مع بحثي عنها واستدل المصنف على وجوب تقديم الراجح بإجماع الصحابة رضي الله عنهم وذلك في وقائع كثيرة منها أنهم قدموا خبر عائشة رضي الله عنها في التقاء الختانين حيث قالت:"فعلته أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم فاغتسلنا١" على خبر أبي سعيد الخدري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إنما الماء من الماء٢" أخرجه مسلم وتقدم في كتاب السنة حديث عائشة

وأن الترمذي قال حسن صحيح والوقائع في هذا كثيرة وعليه درج السابقون قبل اختلاف الآراء وقد تعلق الخصم على نفي الترجيح بالبينات في الحكومات فإنه لا ترجح بينة على بينة بعد استقلال كل واحدة لو انفردت وهو مردود فإن مالكا رحمه الله يرى ترجيح البينة على البينة ومن لا يرى ذلك يقول البينة مستندة إلى توقيعات تعبدية ولذلك لا تقبل بغير لفظ الشهادة حتى لو أتى العدد الكثير بلفظ الأخيار لم يقل ولو شهد ألف امرأة وعبد على إباقه بقل لردوا


١ رواه الترمذي كتاب الطهارة باب: وجوب الغسل وابن ماجة كما رواه بلفظ: "إذغ جلس بين شعبها الأربع وجاوز الختل الختان فقد وجب الغسل"
٢ رواه مسلم – كتاب الطهارة ١/٢٦٩

<<  <  ج: ص:  >  >>