بكر بن خزيمة رضي الله عنه لا أعرف أنه روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثان بإسنادين صحيحين متضادين فمن كان عنده فليأت به حتى أولف بينهما إذا عرفت هذا فنقول ترجيح الأخبار على سبعة أوجه
الأول بحسب حال الرواة وذلك باعتبارات أولها بكثرة الرواة وقد مر هذا آنفا مثاله لو قال الحنفي لا يجوز رفع اليدين في الركوع وعند الرفع منه لما روى إبراهيم عن علقمة عن ابن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يرفع يديه عند تكبيرة الافتتاح ثم لا يعود فيقول راوي ابن عمر أنه صلى الله عليه وسلم كان يرفع يديه إذا افتتح الصلاة وإذا كبر للركوع وإذا رفع رأسه من الركوع رفعهما كذلك وروى رفع اليدين كما روى ابن عمر وآيل بن حجر وأبو حميد الساعدي في عشرة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم منهم أبو قتادة وأبو سعد وسهل بن سعد ومحمد ابن مسلمة ورواه أيضا أبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب وأنس بن مالك وجابر بن عبد الله وابن الزبير وأبو هريرة وجمع بلغ عددهم ثلاثا وأربعين صحابيا وأعلم أنا قد نذكر المثال الواحد للحكم وهو يصلح مثالا لأحكام كثيرة وأنا قد مثلنا لما اشتمل عليه من ضرب من الترجيح وأن عارضه أقوى منه أو ساعده فلا يضرنا ذلك وهنا ليس مستندنا مجرد لكثرة بل والعلل المذكورة فيما رواه القوم مما ليس من غرض الشرح التطويل بذكره
الثاني: بقلة الوسائط وعلو الإسناد لاحتمال الغلط والخطأ فيما قلت وسائطه أقل وما برحت الحفاظ الجهابذة تطلب علو الإسناد وتفتخر به وتركب القفار وتنادي عند الديار في تحصيله ومن أمثلته أن يقول الحنفي الإقامة مثنى كالأذان لما روى عامر الأحول عن مكحول أن أبا محيريز حدثه أن أبا محذورة حدثه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم علمه الأذان وعلمه الإقامة الحديث وذكر فيه الإقامة مثنى مثنى فيقول الشافعي بل هو فرادى لما روى خالد الحذاء عن أبي قلابة عن أنس بن مالك قال مر بلالا أن يشفع الأذان ويوتر الإقامة
وهذا الحديث من حديث خالد كما رأيت وبينه وبين النبي صلى الله عليه وسلم فيه ثلاثة وخالد وعامر متعاصران روى عنهما شعبة