للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بمحال لأنه إذا كان المشروط مكلفا به دون الشرط لم يحبب الإتيان بالشرط وإذا جاز ترك الشرط لزم منه جواز ترك المشروط لأن انتفاء الشرط مستلزم لانتفاء المشروط فيلزم كون المشروط جائز الترك واجب الفعل وهو تكليف بما يلزم من المحال فتعين أن يكون التكليف بالمشروط موجبا للتكليف بالشرط وإن أثبت ذلك في الشرط ففي السبب بطريق أولى فإن من قال بوجوب الشرط قال بوجوب السبب من غير عكس.

هذا تقرير الدليل وقول المصنف التكليف بالمشروط دون الشرط محال فيه نظر لأنا نفرق بين التكليف بالمحال والتكليف المحال فالأول هو تكليف العاقل الذي يفهم الخطاب بما لا يطيقه وهو محل الخلاف في تكليف ما لا يطاق لأن المخاطب به يعلم أنه مكلف بذلك.

والثاني: مثل تكليف الميت والجماد ومن لا يعقل من الأحياء فهذا تكليف المحال واتفق أهل الحق قاطبة على أنه لا يصح نقل هذا الاتفاق القاضي أبو بكر رحمه الله فكان الأحسن للمصنف أن يقول تكليف محال كما قررناه وعذره في ذلك أنه فرع على تكليف ما لا يطاق فإن الأصحاب وإن أقروا بتكليف ما لا يطاق في موضعه لا يفرعون عليه ويحيلون ما لزم عنه لكونه غير واقع في الشريعة فحينئذ التكليف به محال عند المانعين منه فيصح كلامه.

قوله: قيل يختص بوقت وجود الشرط اعترض الخصم على الدليل المذكور بأنه لم لا يجوز أن يختص التكليف بالمشروط بحال وجود الشرط ولا امتناع في ذلك فإن غايته أن يقيد الأمر ببعض الأحوال لمقتض قام وهو الفرار من تكليف المحال وأجاب المصنف بأن اللفظ مطلق لا اختصاص له بوقت وجود الشرط خلاف الظاهر واعترض الخصم أيضا بأن إيجابكم المقدمة أيضا خلاف الظاهر لأن ظاهر الأمر لا يدل عليه فإذا جاز مخالفة الظاهر من هذا الوجه فلم لا يجوز من الوجه الذي ذكرناه وأجاب المصنف بأن مخالفة الظاهر عبارة عن إثبات ما ينفيه اللفظ أو نفي ما يثبته اللفظ ظاهرا وأما إثبات ما لم يتعرض اللفظ له بنفي ولا إثبات فليس مخالفة للظاهر وحينئذ لا يكون إيجاب المقدمة مخالفة للظاهر إذ لم يدل اللفظ عليه بنفي ولا إثبات بخلاف تخصيص

<<  <  ج: ص:  >  >>