بالوجوه العقلية من المناسبة والدوران والسبر ووجهه بأن الإيماء لما لم يوجد فيه لفظ يدل على العقلية فلا بد وأن يكون الدال على عليته أمر آخر سوى اللفظ ولما بحثنا لم نجد شيئا يدل على عليته إلا أحد أمور ثلاثة المناسبة والدوران والسبر على ما تقدم في الإيماء وإذا ثبت أن الإيماءات لا تدل إلا بواسطة أحد هذه الطرق كانت هي الأصل والأصل أقوى من الفرع فكان كل واحد من هذه الثلاثة أقوى من الإيماءات
وهذه لا يقتضي ترجيح دلالة الشبه على الإيماء إلا إذا ساوى الشبه الأمور الثلاثة أو كان أقوى منها وهو خلاف ما رتبه في الكتاب ثم أنه مدخول من وجهين أحدهما أن ما ذكره هو من الدليل وهو استقباح أكرم الجاهل وأهن العالم على أن ترتيب الحكم على الوصف مشعر بالعلية دليل غير هذه الثلاثة فلم يلزم افتقار دلالة الإيماء إلى أحد الطرق الثلاثة فلا يلزم كون الطرق العقلية أصلا لها فلا يلزم رجحان الطرق العقلية عليها وثانيهما أنه اختار عدم اشتراط المناسبة في الوصف المومى إليه ولم يشترط فيه الدوران والسير وفاقا فجاز وجدان عليته بدون هذه الأمور الثلاثة ومما نذنبه على هذا الموضع أن القاضي أبا بكر مع قوله ببطلان قياس الأشباه قال هنا الأظهر أنه يجوز الترجيح به وإن لم يجز التمسك به ابتداء وقد حكينا هذا في الكلام على قياس الشبه
السابع: يرجح القياس الثابت علية وصفه بالإيماء على الثابت بالطرد لأن الطرد لا يناسب الحكم أصلا والإيماء قد يناسب ولقصور الطرد عند الطاردين عن مراتب إخوانه من الأدلة وأما نحن فلا نقيم للطرد وزنا هذا شرح ما في الكتاب وقد يؤخذ منه أن تنقيح المناط متأخر الرتبة عن الطرد لأنه رتب الأدلة ترتيبا ختم به الطرد ومقتضاه تقديم الطرد على ما لم يذكره وهذا لا ينقسم بل الصواب تقديم تنقيح المناط ولا احتفال بما اقتضاه سياق الكتاب فإنه على هذا الترتيب يقتضي أيضا تأخر رتبة ما ثبت عليته بالإجماع حيث لم يذكره ولأمريه في أنه ليس كذلك