ومن المعتزلة كأبي الهزيل وأبي علي وأبي هاشم وأتباعهم ونقل عن الشافعي وأبي حنيفة وأحمد والمشهور عنهم خلافه وهؤلاء اختلفوا في أنه وإن لم يوجد في الواقعة حكم معين فهل وجد فيها ما لو حكم الله تعالى فيها بحكم لما حكم إلا به ولم يوجد ذلك
والأول:هو القول بالأشبه وهو قول كثير من المصوبين وإليه صار أبو يوسف ومحمد بن الحسن وابن سريج في إحدى الروايتين عنه قال القاضي في مختصر التقريب وذهب بعضهم في الأشبه إلى أنه ليس هذا بل هو أولى طرق الشبه في المقاس والعبر ومثلوا ذلك بإلحاق الأرز بالبر بوصف الطعم أو القوت أو الكيل فأحد هذه الأوصاف أشبه عند الله تعالى وأقرب في التمثيل وأما الثاني فقول الخلص من المصوبة
وأما الأول وهو أن الله تعالى في الواقعة حكما معينا فإما أن يقال عليه دلالة وأمارة فقط أو ليس عليه دلالة ولا أمارة فأما القول الأول وهو أن على الحكم دليلا يفيد العلم والقطع فهو قول بشر المريسي والأصم وابن علية وهؤلاء اتفقوا على أن المجتهد مأمور بطلبه وأنه إذا وجده فهو مصيب وإذا أخطأه فهو مخطئ ولكنهم اختلفوا في المخطئ هل يأثم ويستحق العقاب فذهب بشر إلى التأثم وأنكره الباقون لخفاء الدليل وغموضه واختلفوا أيضا في أنه هل ينقض قضاء القاضي فيه فذهب الأصم إلى أنه ينقض وخالفه الباقون
وأما القول الثاني:وهو أن على الحكم أمارة فقط فهو قول أكثر الفقهاء كالأئمة الأربعة وكثير من المتكلمين وهؤلاء اختلفوا فمن قائل أن المجتهد غير مكلف بإصابته لخفائه وغموضه وإنما هو مكلف بما غلب على ظنه فهو وإن أخطأ على تقدير عدم إصابته لكنه معذور مأجور وهو منسوب إلى الشافعي رضي الله عنه وعلى هذا فعلام يؤجر المخطئ فيه وجهان لأصحابنا أحدهما وهو اختيار المزني وظاهر النص أنه يؤجر على القصد إلى الصواب ولا يؤجر على الاجتهاد لأنه أفضى به إلى الخطأ فكأنه لم يسلك الطريق المأمور به وشبهه القفال في الفتاوى برجلين رميا إلى كافر فأخطأ أحدهما يؤجر على قصد الإصابة