يراه اجتهادا أو تقليدا قاطع بظنه ووجوب العمل به فلو قارن لوجب الحكم به وهو يعلم من نفسه أنه إنما يحكم به فإذا حكم الخارج معتقدا أنه لا بينة للداخل ثم جاءت البينة فقد ظهر أمر لو قارن لمنع ظنا والظن سابق معلوم الآن وهذا هو اعتقاد الرجحان الذي أشرنا إليه من قبل وقد اختلف الأصحاب ها هنا في النقض فمن ذهب إلى أنه لا ينقض فوجهه أنه أمر مجتهد فيه ومن قال بالنقض فوجهه أنه عالم بظنه وبأنه إنما حكم معتقدا عدم بينة الخارج فهو قاطع بما كان يمنعه من الحكم لو قارن فانظر هذا التفاوت بين المراتب وأن هذه المرتبة بين ظهور النص وبين الظهور الدليل الراجح والمساوي فلذلك نقض في النص قطعا ولم ينقض في الدليل أن الإمارة قطعا وحصل التردد في هذا على وجهين
السادس:أن يظهر معارض محض من غير مرجح كما إذا حكم للخارج ببينة ثم جاءت بينة لمخارج آخر فهذه البينة لو قارنت فلمنعت الحكم للتعاوض فإذا ظهرت بعد الحكم فلو أيده الله تعالى في المسألة احتمالان أحدهما أن يقال إنه كظهور الإمارة المساوية فلا ينقض به قطعا أو رجحهما عندي أنها ليست كالإمارة المساوية لأن مساواة الإمارة المساوية مظنونة وجاز أن يضعف في وقت آخر ويستمر رجحان الإمارة المحكوم بها لعدم الوثوق بالظنون وجاز أنها لاحت له في وقت الحكم لكانت مرجوحة غير مساوية وأما البينة إذا عارضت أخرى فمساواتها معلومة ما يؤس فيها من الترجيح فلا يبقى لاحتمال استمرار ذلك الحكم أو غيره فيرد الأمر إلى ما كان عليه قبل الحكم ويقف لقطعنا باستواء الجانبين بخلاف الإمارات التي لا يورث بحال الظنون فيها فإنه لو لم يمض الحكم فيها أدى إلى عدم استمرار الأحكام وأن لا يحكم بشيء
وقد مال والدي أيده الله إلى ترجيح الأول وقال لم أجد في كلام الأصحاب إلى الآن ما اعتضد به في الجزم بأحدهما غير أني أميل إلى عدم النقض وأن الحاكم لا يحكم ولا ينقض إلا بمستند ولك أن تقول ظهور ما يقع بمساواته مستند وقد تخلص من هذا أن العلم بمقارنة ما يقطع بتقديمه على مستند الحكم موجب لنقضه قطعا والعلم بمقارنة ما يظن تقديمه فيه وجهان كبينة