وقوله:"تمجد" الكلام فيه كالكلام في تقدس وهو مأخوذ من اسم المجيد وقد نطق به القرآن والسنة وأجمعت الأمة عليه والمجد معناه الشرف والعظمة والكثرة والارتفاع سمي تعالى بذلك لكثرة جلاله وشرفه وعلوه بما يخرج عن طوق البشر واختلف العلماء هل هو صفة خاصة كالعلم والقدرة أو هو عبارة عن استجماع صفات المعالي ووجوه نفي النقائص فلا كمال إلا له ولا نقص إلا وهو منزه عنه.
وقوله:"بالعظمة والجلال" متعلق بتمجيد واسم العظيم نطق به القرآن والسنة وهو تعالى عظيم في ذاته وصفاته وقهره وسلطانه فكل عظيم بالنسبة إلى عظمته عدم محض واسم الجميل لم يرد في القرآن ولا في حديث أبي هريرة لكن في الحديث: "إن الله جميل يحب الجمال" ١ وورد أيضا في بعض طرق أبي هريرة.
ولما كان تعالى كاملا في ذاته وصفاته وأفعاله وصف بالجمال وهو تعالى مقدس عن الصورة وعن الصفات البشرية.
ومشاهدة صفة الجمال يثير المحبة ومشاهدة صفة الجلال يثير الهيبة والعظمة تثير الهيبة أيضا فلهذا قرن المصنف العظمة بالجلال لتفيده معنى زائدا على الجلال فالباء يحتمل أن تكون بمعنى في أي تمجد في عظمته وجلاله فارتفع بهما على كل عظيم وجليل ويحتمل أن تكون للسببية على معنى أنه ارتفع بعظمته وجلاله على كل شيء فلا شيء إلا وهو مجد تعالى وهو تعالى مجيد بذاته عظيم بذاته فليس المعنى أن بعض الصفات أثر في بعض وإنما لما كانت هذه الصفات تشير إلى مجموع معان وملاحظة كل منها يوجب العلم بالكمال بها حسن ذلك كله.
"وتنزه من تفرد بالقدم والكمال" التنزيه بمعنى التسبيح وقد ورد مصرحا
١ ولفظه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم- قال: "لا يدخل الجنة من كان في قبله مثقال ذرة من كبر". فقال رجل: إنا لرجل يجب أن يكون ثوبه حسناً، ونعله حسنة، فقال: "إن الله تعالى جميل يحب الجمال" رواه مسلم.