الالتزام هنا دلالة اللفظ على كل ما يفهم منه غير المسمى سواء كان داخلا فيه أو خارجا عنه فيصدق قوله يدل بالتضمن مع قوله بالالتزام.
واحتجت المعتزلة بأن الموجب للشيء قد يكون غافلا عن نقيضه فلا يكون النقيض منهيا عنه لأن النهي عن الشيء مشروط بتصوره وأجاب عنه بأنا لا نسلم أن الموجب للشيء قد يغفل عن نقيضه لأن الموجب للشيء ما لم يتصور الوجوب لا يحكم به ويلزم من تصور الوجوب تصور المنع من النقيض لأنه جزؤه وتصور الكل مستلزم لتصور الجزء ولو سلمنا أنه يجوز أن يكون الموجب للشيء قد يغفل عن نقيضه فذلك لا يمنع حرمة النقيض بدليل وجوب المقدمة أعني ما لا يتم الواجب إلا به فإن الموجب للشيء قد يكون غافلا عن مقدمته مع استلزام وجوبه لوجوبها كما تقدم هذا شرح ما في الكتاب.
واعلم أنه قد تردد كلام الأصوليين في المراد من الأمر المذكور في هذه المسألة هل هو النفساني فيكون الأمر النفساني نهيا عن الضد نهيا نفسانيا أو اللساني فيكون نهيا عن الأضداد بطريق الالتزام وهذا هو الذي ذكره الإمام حيث صرح بلفظ الصيغة.
وإذا عرفت هذا فنقول: إن كان الكلام في النفساني تعين التفصيل بين من يعلم بالأضداد ومن لا يعلم فالله تعالى بكل شيء عليم وكلامه واحد وهو أمر ونهي وخبر فأمره عين نهيه وعين خبره غير أن التعلقات تختلف فالأمر عين النهي باعتبار الصفة المتعلقة نفسها التي هي الكلام وهو غيره باعتبار أن الكلام إنما يصير أمرا بإضافة تعلق خاص وهو تعلق الكلام بترجيح طلب الفعل وإنما يصير نهيا بتعلقه بطلب الترك والكلام يقيد التعلق الخاص غيره بالتعلق الآخر فهذه الأقسام والتفاصيل لا ينبغي الخلاف فيها لمن تصورها وأن أمر الله تعالى بالشيء نهى عن ضده باعتبار أنه لا بد من حصول التعلق بالضد المنافي وأما من لا شعور له بضد المأمور فلا يتصور منه النهي عن جميع الأضداد بكلامه النفسي تفصيلا لعدم الشعور بها ولكن يصدق أنه نهى عنها بطريق الإجمال لأنه طالب للمأمور على التفصيل ولتحصيله بكل طريق مفض إلى ذلك ومن جملتها اجتناب الأضداد وإن كان في اللساني فلا يتجه