للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والعلانية وقيل الدنيا والآخرة وقيل ما غاب عن العباد وما شهدوا وقيل الغيب المعدوم والشهادة الموجود والمدرك كأنه مشاهد والكبير الكامل في ذاته وصفاته المتقدم في المنزلة والسبق في المرتبة من كبر بضم الباء والمتعال المستعلي على كل شيء بقدرته كبر عن صفات المخلوقين وتعالى عنها.

"نحمده على فضله المترادف المتوال على ما عمنا من الأنعام والأفضال" الحمد: الثناء بجميل الصفات والأفعال ولا يكون إلا بالقول سواء كان ذلك الجميل في المحمود خاصة به أو كان واصلا منه إلى غيره والثاني شكر والشكر يكون بالقول والفعل والاعتقاد فبينه وبين الحمد عموم وخصوص من وجه وبين الحمد والمدح فرق آخر أدعاه السهيلي وهو أن الحمد يشترط فيه أن يكون صادرا عن علم وأن تكون الصفات محمودة صفات كمال ولهذين الشرطين لا يوجد الحمد لغير الله والله هو المستحق الحمد على الإطلاق والمدح قد يكون عن ظن وبصفة مستحسنة وإن كان فيها نقص ما والإتيان بالنون في هذا الفعل ينبغي أن يقصد به أن جميع الخلائق حامدون وليست للتعظيم والمترادف المتتابع والمتوالي كذلك فينبغي أن يكون مقصوده بالمترادف الذي يأتي بعده في أثر بعض ليسلم من التأكيد ويفيد كثرة الفضل في الزمان الواحد واستمرار ذلك في كل زمان وفضل الله هكذا هو وفي عمنا ضمير مرفوع عائد على الموصول أي عمنا هو ومن الأنعمام والأفضال بيان لذلك في محل رفع وقد قدمنا أن بين الحمد والشكر عموما من وجه وأنهما يتفقان فيما كان منه فيسمى حمدا وشكرا وقد استعمل المصنف هذا الحمد على ما هو منة واستعمل الشكر بالقول فتوافقا في هذا المحل وإن تغايرا في وصفهما والفضل من قوله: {وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ} ١ ومن قوله: {وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيماً} ٢ وكان فضل الله عليك عظيما والأفضال الإحسان والتفضل وقد استعمل الفضل على خلاف النقص فيكون الثناء عليه حمدا مباينا للشكر لكنه ليس المراد هنا لقوله المترادف المتوال فإنهما يقتضيان الوصول إلى الغير.


١ سورة النساء ٣٢.
٢ سورة النساء ١١٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>