للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التكليف بالمحال فيجوز أن يتعلق الحكم بأفعال المكلفين قبل ورود الشرع مع عدم شعورهم بذلك.

ولقائل أن يقول هذا حينئذ تكليف الغافل لا تكليف بالمحال والشيخ إنما يجوز الثاني ثم إن الشيخ لا يقول بوقوع التكليف بالمحال بل الحل تفسير التوقف بعدم الحكم وبه صرح القاضي في مختصر التقريب فقال صار أهل الحق إلى أنه لا حكم على العقلاء قبل ورود الشرع وعبروا عن نفي الأحكام بالتوقف ولم يريدوا بذلك الوقف الذي يكون حكما في بعض مسائل الشرع وإنما عنوا به انتفاء الأحكام انتهى وهو مصرح ببطلان ما ذهب إليه المصنف من التفسير وكذا قال إمام الحرمين في البرهان لا حكم على العقلاء قبل ورود الشرع وليس مراده إلا الوقف لعدم الحكم وقال الغزالي إن أراد أصحاب الوقف أن الحكم موقوف على ورود السمع ولا حكم في الحال فصحيح وإن أرادوا عدم العلم فهو خطأ فإن قلت الوقف هو الإمساك عن الحكم بشيء فلا يناسب تفسيره بالجزم بأن لا حكم قلت معنى الوقف يرجع إلى أن فعل المكلف قبل البعث لا يوصف بإباحة ولا حرمة لعدم التعلق به فالتوقف إنما هو في وصف الفعل لا في وجود الحكم وعدمه لكن لما كان السبب في هذا الوقف بعدم الحكم بمعنى عدم التعلق فسرنا التوقف بعدم الحكم تجوزا فإن قلت هذا لا يجامع اختياركم إن التعلق قديم قلت المراد بالتعلق هنا هو التعلق الذي يظهر أثره في المحكوم عليه وهو منتف قبل البعثة فلذلك اخترنا انتفاء الحكم قبل البعثة وفسرنا توقف الشيخ به فإن قلت هل الحكم بنفي الحكم قبل البعثة عقلي أو شرعي قلت هو عقلي لا شرعي بقي مما ننبه عليه هنا أن ما نقله المصنف عن الإمام ليس بجيد فإنه حكى في المحصول قول الوقف ثم قال هذا الوقف تارة يفسر بأنه لا حكم وهذا لا يكون وقفا بل قطعا بعدم الحكم وتارة بأنا لا ندري هل هنا حكم أم لا وإن كان هناك حكم فلا ندري أنه إباحة أو حظر انتهى فليس فيه اختيار ما نقله المصنف عنه.

فإن قلت ما عذر المصنف في ذلك؟

<<  <  ج: ص:  >  >>