لزم منه الضرر قال وكذلك النظر في مرآة الغير والإيقاد من ناره والاستظلال بجداره والالتقاط من حبوب الزرع المتناثر ذكر القفال في الفتاوى أيضا أنه يجوز إسناد خشبة إلى جدار الغير.
الوجه الثاني: أن المواكيل اللذيذة إن خلقت لا لغرض كان عبثا محالا وإن خلقت لغرض فلا جائز أن يعود إلى الباري لتنزهه عن الأغراض فتعين أن يكون لغرضنا وليس هو الإضرار باتفاق العقلاء فهو حينئذ النفع وذلك النفع إما أن يكون دنيويا كالتلذذ والاغتذاء أو أخرويا يتعلق بالعمل كالاجتناب لكون تناولها مفسدة مع الميل فيستحق الثواب باجتنابها أو أخرويا يتعلق بالعلم كالاستدلال بها على وجود الصانع كمال قدرته وكل ذلك لا يحصل إلا بالتناول فواضح.
وأما توقف الاجتناب عليه فلأن المكلف إنما يستحق الثواب بتجنبها إذا دعت نفسه إليها وإنما يكون ذلك بعد التناول كذا قيل والحق أن تارك المعاصي امتثالا لأمر الله تعالى مع عدم ميلانه إليها يثاب على تركها بل هو عند قوم أعلى درجة من الذي فعلها ثم انزجر عنها وأما توقف الاستدلال فلأنه إنما يكون مع معرفتها هذا تقرير الوجهين.
قال في الكتاب وأجيب عن الأول بأنا لا نسلم ثبوت الحكم في المقيس عليه فإن الاستظلال بجدار الغير والاقتباس من ناره من جملة الأفعال الاختيارية الداخلة تحت صور النزاع ولئن سلمنا ثبوت الحكم في الأصل فلا نسلم أنه معلل بهذه الأوصاف واستدلالكم على ذلك بالدوران لا يفيدكم لأن الدوران وإن كان حجة فالظن الحاصل منه ضعيف لا يستدل بمثله على هذه المسألة.
واعلم أن هذا لا يخالف قوله في القياس بحجة الدوران لأن القائل بحجته معترف بأنه جار في مجاري الظنون الضعيفة التي يستدل بها على الفروع الفقهية الجزئية دون المسائل الأصولية وأما من قال بأنه مفيد للقطع فلا مبالاة بمعتقده الفاسد وأجيب عن الثاني بأن الدليل المذكور مبني على تعليل أفعال الله تعالى