للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالقوة لم تتهيأ لإضافة الحكم إلى ذمتها بخلاف النطفة التي في الرحم إذا ثبت لها الملك بالإرث والوصية والحياة غير موجودة بالفعل ولكن بالقوة وكذا الصبي مصيره إلى العقل فصح إضافة الحكم إلى ذمته ومطالبته في ثاني الحال ولم يصلح للتكليف في الحال فإن قلت لو انتفخ ميت وتكسر بسبب انتفاخه قارورة فينبغي إيجاب ضمانها كالطفل يسقط على قارورة قلت يحتمل أن يقال بذلك وأن يطالب به الورثة كما يجب الضمان على العاقلة والفعل لم يصدر منهم ولكن قال الأصحاب لا يجب وفرقوا بينه وبين الطفل بأن للطفل فعلا بخلاف الميت وإيجاب الضمان على من لا فعل له غير معقول وهو متجه فإن قلت فالصبي المميز يفهم الخطاب فلم منعت تكليفه؟

قلت العقل لا يمنع ولكن الشرع رفع ذلك عنه بقوله صلى الله عليه وسلم: "رفع القلم عن ثلاث" الحديث١.

وقد قال البيهقي إن الأحكام إنما نيطت بخمس عشرة سنة من عام الخندق وأنها كانت قبل ذلك تتعلق بالتمييز وبهذا يجاب عن سؤال من يقول الرفع يقتضي تقدم وضع ولم يتقدم على الصبي وضع فإن قلت ما الحكمة في تقدير الرفع بالبلوغ وهو إذا قارب البلوغ عقل قلت قال القاضي أبو بكر إن عدم بلوغه دليل على قلة عقله وهو تصريح منه بأن العقل يزيد ويكمل بلحظة وليس يتجه ذلك كما قاله الغزالي لأن انفصال النطفة لا يزيد عقلا لكن حط الخطاب عنه تخفيفا وزيادة العقل ونقصانه إلى حد يناط به التكليف أمر خفي لا يمكن الاطلاع عليه بغتة لكونه يزيد على التدريج وقد علم من عوائد الشرع أنه يعلق الحكم على مظانها المنضبطة لا على أنفسها والبلوغ مظنة كمال العقل فعقل الشارع الأمر عليه وإن جاز وجود الحكمة قبله


١ ولفظه عن علي – رضي الله عنه – أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال: "رفع القلم عن ثلاث: عن النائم حتى يستيقظ وعن الصبي حتى يشيب وعن المعتوه حتى يعقل".
وأخرجه الترمذي وابن ماجه والحاكم كما أخرجه أبو داود والنسائي وأحمد والطبراني بروايات مختلفة.
صحيح الجامع الصغير للألباني ٣ – ١٧٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>