أنه هل يشترط بقاء المكلف في الأوقات المتقدمة على حدوث المأمور به على أوصاف التكليف فمنهم من شرط كونه مستجمعا لشرائط التكليف في كل الأوقات المتقدمة.
وزعم بعضهم أنا لا نشترط ذلك وإنما نشترط اجتماع الأوصاف عند حدوث الفعل ويشترط في الأوقات المتقدمة عليه كون المخاطب ممن يفهم الخطاب ثم افترقوا بعد ذلك في أصل آخر وذلك أنهم قالوا هل يجوز أن يتقدم الأمر على المأمور به بأوقات من غير أن يكون فيه لطف ومصلحة زائدة على التبليغ من المبلغ والقبول من المخاطب؟
فمنهم من شرط أن يكون في ذلك لطف يعلمه الله ومنهم من لم يشترط ذلك انتهى وهو أثبت منقول في المسألة وصريح نقل إمام الحرمين في البرهان أن مذهب أصحاب الشيخ أن الفعل في حال حدوثه مأمور به ثم ذكر في تعليله ما يدل على أنه ليس بمأمور به قبل حدوثه وهذا هو الذي يقتضيه أصلهم وهو أن الاستطاعة عندهم مع الفعل لا قبله.
فإن قلت أصلهم الآخر وهو تحويز التكليف بما لا يطاق يقتضي جواز الأمر بالفعل حقيقة قبل الاستطاعة فعلى هذا يكون المأمور مأمورا قبل التلبس بالفعل.
قلت لعلهم فرعوا هذا على استحالته أو أنهم وإن جوزوه فلم يقولوا بوقوعه ويكون كلامهم هنا بناء على عدم الوقوع ثم اختار إمام الحرمين مذهب المعتزلة من الأمر بالحادث قبل الحدوث وعدم الأمر به مع الحدوث وقال إما أن يتجه القول في تعلق الأمر به طلبا واقتضاء مع حصوله مذهب لا يرتضيه لنفسه عاقل وأما الغزالي فإنه قال بوجود الأمر قبل الفعل وسلم مقارنة القدرة للفعل ومن هنا خالف قول إمامه فإن إمامه رأى أن القدرة هي التمكن وحالة الوجود تنافي التمكن من الفعل والترك فيتعين الوقوع كذا قال القرافي وهذه عبارة الغزالي لا أمر إلا بمعدوم يمكن حدوثه وهل يكون الحادث في أول حال حدوثه مأمورا كما كان قبل الحدوث أو يخرج عن كونه مأمورا كما في