للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشرائع في الفروع ويكون تسميته هذه الملة حنيفية لمخالفتها ما كان عليه أهل الشرك واليهود والنصارى كمخالفة إبراهيم من كان في زمانه من الكفار وهم الصابئة وإتباعه دين الأنبياء قبله وبعده وهو الإسلام وحقائقها على هذا أصول الدين ولا تشمل أصول الفقه الذي تصدى له والمعالم الدينية شاملة له وإن جعلنا اسم الملة شاملا للأصول والفروع وكلا الأمرين أعني المعالم الدينية وحقائق الملة شاملا للأصول والفروع فيندرج فيه أصول الفقه الذي تصدى له وهو أحسن ليكون مناسبته للتصنيف الذي تصدى له أكثر ويشهد له قوله: "بعثت بالحنيفية السمحة" فإنه يشير إلى الأصول والفروع جميعا ولا يلزم من ذلك موافقتها لشريعة إبراهيم في جميع الأشياء بل لموافقتها الأصول سميت بذلك وحقائقها على هذا جميع أحكامها ومعانيها وأسرارها والضمير في مشكلاته ومعضلاته عائد على الكشف لأن الأشكال والأعضال فيه لا فيها فإنها بينة جلية بيضاء نقية إذا ارتفع الحجاب عن الناظر رآها ولا خفاء بحسن استعاراته وترشيحها في الغوص في تيار البحار والفحص عن أستار الأسرار وكم من بحر لا يدرك له قرار وسر تتغيب في أستاره الأفكار.

"وإن كتابنا هذا منهاج الوصول إلى علم الأصول الجامع بين المعقول والمشروع والمتوسط بين الأصول والفروع" المنهاج: الطريق جعل علما على هذا الكتاب والوصول إلى الشيء إنما يكون عند انتهاء طريقه فقوله منهاج الوصول معناه الطريق التي يتوصل فيها إلى الوصول إلى علم الأصول كما تقول طريق مكة أي المتوصل فيها إلى مكة فليس الوصول فيه ولكنه غايته.

وقوله منهاج خبر إن ويجوز إطلاق ذلك على هذا الكتاب بمعناه الأصلي غير علم لأن الاشتغال به يوصل إلى ذلك وقوله الجامع مخفوض صفة لعلم الأصول ولا خفاء في جمعه بين المعقول والمشروع فإنه نتج من نكاح نور الشرع لصافي بنات الفكر فجاء عريق الاصالة شديد البسالة وتوسطه بين الأصول أي أصول الدين والفروع وهذا يستمد من الأول ويمد الثاني.

"وهو إن صغر حجمه وكبر علمه وكثرت فوائده وجلت عوائده" قوله:

<<  <  ج: ص:  >  >>