قال غير واقع بالممتنع لذاته كإعدام القديم وقلب الحقائق.
اختلف القائلون بجواز التكليف بالمحال في وقوعه فذهب الجمهور إلى عدم وقوعه والمختار عند المصنف التفصيل الذي ذكره وهو عدم الوقوع بالممتنع لذاته كقلب الحقائق مع بقاء الحقيقة الأولى وإعدام القديم هذا ما ذكره وهو يفهم وقوع الممتنع لغيره والحق فيه التفصيل أيضا فإن كان مما قضت العادة بامتناعه كحمل الصخرة العظيمة للرجل النحيف فحكمه حكم الممتنع لذاته في الجواز وعدم الوقوع وأما ما امتنع لتعلق العلم به فذاك ليس محل النزاع بل هو واقع بالإجماع كما سلف.
فائدة قد عرفت ما عليه جمهور الأصحاب من تجويز للتكليف بالمحال واختلافهم في الوقوع على الوجه الذي رأيت فأما التجويز فهو المنقول عن أبي الحسن وهو لازم على قضايا مذهبه وأما الوقوع فقد نقلوا اختلافا عنه فيه.
قال إمام الحرمين وهذا لسوء معرفة مذهب الرجل فإن مقتضى مذهبه أن التكاليف كلها واقعة عنده على خلاف الاستطاعة.
قال ويتقرر هذا من وجهين:
أحدهما: أن الاستطاعة عنده لا تتقدم على الفعل والأمر بالفعل يتوجه على المكلف قبل وقوعه وهو إذ ذاك غير مستطع قال ولا يدفع ذلك قول القائل إن الأمر بالفعل نهي عن أضداده والمأمور بالفعل قبل الفعل إن لم يكن قادرا على الفعل فهو قادر على ضد من أضداده ملابس له فإنا سنوضح أن الأمر بالشيء لا يكون نهيا عن اضداده قال وأيضا فإن القدرة إذا قارنت الضد لم تقارن الأمر بالفعل والفعل مقصود مأمور به وقد تحقق طلبه قبل القدرة عليه.
والثاني: أن القدرة الحادثة غير مؤثرة في مقدورها بل مقدورها مخلوق الله تعالى والعبد مطالب بما هو من فعل ربه قال ولا معنى للتمويه بالكسب فإنا سنوضح سر ما نعتقده في خلق الأفعال انتهى.