للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والثاني تعبير المصنف بالنقيضين غير مستقيم فإنه نظر إلى وقوع التكليف بالإيمان وعدمه وهما نقيضان ولكن العدم غير مقدور عليه فلا يكلف به بل المكلف به على التقدير الذي أشار إليه كف النفس عن الإيمان والكف فعل وجودي فالصواب التعبير بالضدين كما فعل الإمام.

فائدة ناقش القرافي في التمثيل بأبي لهب وقال إنما يتوهم أن الله أخبر بعدم إيمانه من قوله تعالى: {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ} ١ ولا دليل فيه لأن التب هو الخسران وقد يخسر الإنسان ويدخل النار وهو مؤمن لمعاصيه وأما قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ} ٢ فمخصوصة ولقائل أن يقول لا مشاحة في المثال ولا شك أنه تعالى أخبر عن أقوام أنهم لا يؤمنون من الآية التي ذكرها وإن كانت مخصوصة وذلك كاف في المثال فإن أولئك الذين أخبر عنهم أنهم لا يؤمنون مأمورون بالإيمان إجماعا بل لمن يشاحح القرافي أن يقول إخباره تعالى عن أبي لهب أنه سيصلى نارا أقل أحواله أن يكون صليه إياها بمعاص صدرت منه كما ذكرتم والآية نزلت وهو كافر فيكون العقاب على معاص تصدر منه في حال الكفر فنقول حينئذ إن قلنا إن الكافر غير مكلف بالفروع فهذا منتصف ولا بد أن تكون النار التي استوجبها بعدم الإيمان وإن قلنا أنه مكلف فلو قدر إسلامه بعد ذلك كما فرضتم لكان غير معاقب على تلك المعاصي التي صدرت منه في حال الكفر لأن الإسلام يجب ما قبله فتعين أن يكون العقاب على ترك الإيمان وهو المطلوب.


١ سورة المسد آية ١.
٢ سورة البقرة آية ٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>