للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كون اللفظ بحيث إذا أطلق فهم منه المعنى من كان عالما بالوضع وإنما قلنا إنها عبارة عن كون اللفظ بحيث إذا أطلق فهم منه ولم نقل إنها نفس الفهم كما قال ابن سينا١ لأن الدلالة نسبة مخصوصة بين اللفظ والمعنى ومعناها صفة تجعل اللفظ يفهم المعنى ولهذا يصح تعليل فهم المعنى من اللفظ بدلالة اللفظ عليه والعلة غير المعلول وإذا كانت الدلالة غير فهم المعنى من اللفظ لم يجز تفسيرها به إذا عرفت ذلك فنقول الدلالات اللفظية منحصرة في المطابقة والتضمن والالتزام لأن اللفظ إما أن يدل على تمام ما وضع له أو لا والأول المطابقة كدلالة البيت على المجموع المركب من السقف والجدار والأس.

والثاني: إما أن يكون على جزء مسماه أولا والأول دلالة التضمن كدلالة البيت على الجدار فقط والثاني أن يكون خارجا عن مسماه وهي دلالة الالتزام كدلالة الأسد على الشجاعة.

واعلم أن ذلك إنما يتصور في اللازم الذهني وهو الذي ينتقل الذهن إليه عند سماع اللفظ سواء كان لازما في الخارج أيضا كالسرير والارتفاع من الأرض إذ السرير مهما وجد في الخارج فهو مرتفع أم لم يكن لازما في الخارج كالسواد إذا أخذ بقيد كونه ضدا للبياض فإن تصوره من هذه الحيثية يلزم تصور البياض فهما متلازمان في الذهن وليسا بمتلازمين في الخارج بل متنافيين ولا يتصور ذلك في اللازم الخارجي فقط كالسرير مع الإمكان فإنه مهما وجد السرير في الخارج فهو ممكن ضرورة وقد يتصور السرير ويذهل عن إمكانه وإذا عرفت هذا علمت أن قوله: وعلى لازمه الذهني غير مستقيم لإيهامه وجود الدلالة مع اللزوم الخارجي وهو باطل وبهذا التقسيم تعرف حد كل واحد منها.

تنبيهات الأول قال الإمام هذا اللزوم شرط لا سبب وقرر القرافي هذا بأن الشرط يلزم من عدمه العدم ولا يلزم من وجوده وجود ولا عدم لذاته


١ هو أبو علي الحسين بن عبد الله بن الحسين بن علي بن سينا صاحب التصانيف المشهورة في الطب والفلسفة توفي في همذان سنة ٤٢٨ هـ.
الأعلام للزركلي ١/٢٥٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>