النقيضين أهني صدق نفي الضرب وإثباته فتقرر أنه إنما يصدق مجازا لأن صحة النفي من أمارات المجاز واعترض على هذا بأن قولنا ضارب وليس بضارب قضيتان مطلقتان لم يتحد وقت الحكم فيهما فلا يتناقضان لجواز أن يكون وقت السلب غير وقت الإثبات وأجاب في الكتاب بأنهما مؤقتتان بحال التكلم.
وأغنى عن هذا التقييد فهم أهل العرف أن لو لم يكن كذلك لما جاز استعمال كل واحد منهما في تكذيب الآخر ورفعه لكن أهل العرف يستعملون ذلك فيكونان متناقضين وهو المطلوب.
فإن قلت سلمنا أنهما مؤقتتان بالحال وأنهما متناقضتان ولكن لا نسلم أنه حينئذ يصح إطلاقهما لأنه لا يصح ليس بضارب في الحال وهل قولكم إن ذلك يصح إلا مصادرة على المطلوب؟
قلت صدق ليس بضارب في الحال لا يقبل المنازعة إلا ممن لم يفهم معنى هذا الكلام وذلك لأنا لم نعن بذلك إطلاق الاسم حتى يقال إنه مصادرة على المطلوب بل إن المعنى غير ثابت في الحال وقد قدمنا أنه لا ينازع في ذلك عاقل ويقرر عندك أن المعنى بقولنا يصدق ليس بضارب في الحال تحقق المعنى لا صدق الإطلاق إذا الخصوم سلموا هذه المقدمة لما ذكرها الإمام وغيره وما اعترض أحد بهذا السؤال.
فإن قلت سلمنا أنه يصح ليس بضارب في الحال ولكن لا نسلم استلزامها صحة ليس بضارب.
قلت لأن ليس بضارب مطلقة وليس بضارب في الحال مؤقتة والمطلقة جزء من المؤقتة ولو صح ذلك فنقول إذا قيدت في الإيجاب أو في السلب بزمان ولم تجعل الزمان جزءا من المحمول كانت القضية موجهة مؤقتة وإن لم يقيد كانت القضية مطلقة وهي جزء من المؤقتة والقيد المذكور في المؤقتة كقولنا زيد ضارب الآن أو ليس بضارب الآن إذا جعلناه جهة معناه تقييد نسبة المحمول الذي هو ضارب إلى الموضوع الذي هو زيد إيجابا أو سلبا.
فإذا قلت زيد ضارب الآن فمعناه أن نسبة ضارب إلى زيد ثابتة الآن.