واعلم أن الإمام لم يجب عن الشبهة المذكورة ثم قال ومما يدل على أنه ليس من شرط المشتق منه قيامه بمن له الاشقاق أن المفهوم من اسم المشتق ليس إلا أنه ذو ذلك المشتق منه ولفظة ذو لا يقتضي الحلول ولأن لفظ ملابن والتامر والمكي والمدني والحداد مشتق من الأمور التي يمتنع قيامها بمن له الاشقاق هذا كلامه وقد أوهم اختيار مذهب المعتزلة ومناقضته في ذلك لما اختاره في كتبه الكلامية حتى قال الشيخ شمس الدين الأصفهاني في شرح المحصول الحق مذهب الأشاعرة لا ما اختار المصنف تقريره ههنا من مذهب المعتزلة والذي نقوله إنه لا يلزم من عدم ذكر الجواب اختيار مذهبهم كيف وقد صرح بخلافه وأما ما قاله من أن المفهوم من الاسم المشتق ليس إلا ذو المشتق منه فهو مدخول لأنه اعترف بأن قولنا مكي ومدني مشتق من مكة والمدينة وليس المفهوم من المكي ذو مكة ولأنه يناقض ما التزمه سابقا من أن بقاء وجه الاشتقاق شرط لصدق الاسم المشتق فإن قولنا زيد قيسي أو تميمي يكون حينئذ مشتقا من قيس وتميم والمشتق منه غير باق والحق أن دعواه أن لفظة ذو لا تقتضي الحلول غير مسلمة له على الإطلاق لأن المفهوم من قولنا زيد ذو علم أو فهم قيامهما به وحلولهما فيه فلفظة ذو تقتضي الحلول في أسماء المعاني كما ذكرناه وكلامنا في المشتقات من المصادر التي هي أسماء المعاني ويخرج بهذا الجواب عن مثل مكي ومدني فإنها مشتقة من أسماء الذوات فليست في شيء مما نحن فيه.
فروع يتجه بناؤها على الأصل المذكور.
لو حلف لا يبيع أو لا يضارب فوكل فيه غيره حتى فعل لم يحنث في أظهر القولين لأنه لم يباشر والثاني إن كان ممن لا يتولى ذلك بنفسه كالسلطان حنث.
ولو حلف لا يحلق رأسه فأمر غيره فحلق فقد قيل في حنثه القولان وقيل يحنث قولا واحدا وبه أجاب الماوردي وطرده في كل ما جرت العادة فيه بالأمر دون المباشرة من جميع الناس كقوله والله لا احتجمت أولا اقتصدت أو لا بنيت داري.