للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التردد حصل بسبب عرف طارئ لكثرة الاستعمال في المجاز فهو وإن كان محتملا لكنه على خلاف الأصل إذ الأصل عدم التغيير ولأن التردد حاصل في مفهومات ألفاظ قل ما يستعملها أهل العرف كما في عسعس الليل فإنا لا نفهم منه الإقبال والإدبار على التعيين إلا بقرينه ولا يجوز إحالته إلى استعمال أهل العرف ثم إذا ثبت وقوعه فهل وقع في القرآن منهم من منع والمختار خلافه بدليل قوله تعالى: {ثَلاثَةَ قُرُوءٍ} ١ عند من يجعل القرء مشتركا بينهما كما هو مقتضى اللغة وهو الصحيح وكذلك قوله تعالى: {وَاللَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ} ٢ أي أقبل وأدبر وإنما أتى المصنف بهذين المثالين لأن الأول من الأسماء والثاني من الأفعال ولأن أحدهما مفرد والآخر جمع ليفهم بذلك وقوع النوعين في القرآن وأنه مشحون بالمشترك على اختلاف أنواعه واحتج من منع وقوعه في القرآن بأنه إن وقع مبينا بذكر قرينة كان تطويلا من غير فائدة إذ يمكن التعبير عن المراد بلفظ مفرد وضع له فقط وإن وقع غير مبين كان غير مفيد وذلك عيب والجواب أنا نقول لا يذكر معه قرينة ولا نسلم أن غير المبين غير مفيد مطلقا بل هو مفيد لفهم المعنى على سبيل الإجمال والفهم الإجمالي أيضا مقصود في فهم الألفاظ لاشتماله على فوائد.

منها استعداد المكلف للبيان وغير ذلك وأيضا فإنه كأسماء الأجناس.

وأعلم أن المانع من وقوعه في كلام الله تعالى هو المانع من وقوعه في كلام الرسول صلى الله عليه وسلم وعلته المذكورة شاملة لذلك وإنما لم يذكر المصنف أن الخصم مانع في المكانين بل اكتفى بذكر أحدهما لأن لا قائل بالتفصيل كما صرح به صفي الدين الهندي وغيره.

قال الثانية أنه بخلاف الأصل وإلا لم يفهم ما لم يستفسر ولامتنع الاستدلال بالنصوص ولأنه أقل بالاستقراء ويتضمن مفسدة السامع لأنه ربما لم يفهم وهاب استفساره واستنكف أو فهم غير مراده وحكى لغيره


١ سورة البقرة: آية: ٢٢٨.
٢ سورة التكوير آية: ١٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>