أحسن لأنه أعم من المعرفة ولهذا ينقسم العلم إلى التصور والتصديق ويقول النحاة في العلم إذا لم يكن عرفانا ثم سواء قلنا علم أو معرفة أو أدلة أو طرق كما قال الإمام يرد على جميع ذلك سؤال قوي وهو أن الطريق ما يفضي النظر الصحيح فيه إلى علم المدلول أو ظنه والدليل ما يفضي النظر الصحيح فيه إلى المدلول وعلم الدليل أو الطريق كذلك والمدلول هنا هو الفقه لقوله أدلة الفقه أو طرق الفقه وقد قدمنا أن الفقه بحسب الاصطلاح لا يصدق إلا على معرفة الأحكام التفصيلية فيلزم من هذا أن يكون أصول الفقه معرفة أدلة الأحكام التفصيلية وأن من عرفها عرف ضرورة بما قررناه من أن النظر في الدليل يوجب العلم بالمدلول فيلزم أن يكون الأصول فقها وأن يكون كل أصولي فقيها وهذا ظاهر البطلان ولا ينجى عن هذا قيد الإجمال في المعرفة أو في الدلالة لأن الإجمالي إن كان دليلا للتفصيلي لزم من تحصيله حصوله وإن لم يكن دليلا للتفصيلي فسدت إضافته إلى الفقه لأن الفقه تفصيلي ودليل الفقه مجموع أمرين:
أحدهما: الإجمالية، والثاني: التفصيلية، والأول مندرج في الثاني فكل من علم الثاني علم الأول تقليدا أو اجتهادا ولا يحصل الفقه إلا بعلمهما والأصول في الأول فقط وقد سلم من هذا السؤال ابن الحاجب حيث قال إن حده لقبا العلم بالقواعد التي يتوصل بها إلى استنباط الأحكام الشرعية الفرعية عن أدلتها التفصيلية ومع ذلك يرد عليه أن من القواعد النحوية وغيرها ما هو كذلك ولم تدخل في أصول الفقه فالحد غير مانع وغير جامع أيضا لأنه أخرج الأدلة عن الأصول جملة.
فإن قلت: هل من اعتذار عن المصنف والإمام وغيرهما في السؤال الذي قدمته قلت نعم وهو أن الأدلة التفصيلية التي يحصل عنها الفقه لها جهتان: إحداهما أعيانها والثانية كلياتها وكل دليل هكذا فليست الأدلة منقسمة إلى ما هو إجمالي غير تفصيلي وتفصيلي غير إجمالي بل كلها شيء واحد له جهتان فالأصولي يعلمه من إحدى الجهتين والفقيه يعلمه من الأخرى ويصدق على ذي الجهتين أنه معلوم من وجه فالمراد بالأدلة التفصيلية التي هي موصلة إلى الفقه والأصولي يعرفها من جهة الإجمالي فلها اعتباران والنظر في