على أنهم أحالوا ذلك وأما وقوعها فذهبت المعتزلة والخوارج وطائفة من الفقهاء إليه مطلقا وقالوا نقل الشارع هذه الألفاظ من الصلاة والصيام وغيرهما من مسمياتها اللغوية وابتدأ وضعها لهذه المعاني فليست حقائق لغوية ولا مجازات عنها وأنكره القاضي أبو بكر مطلقا وزعم أن لفظ الصلاة والصوم وغيرهما في الشرع مستعمل في المعنى اللغوي وهو الدعاء والإمساك لكن الشارع شرط في الاعتداد بهما أمورا أخر نحو الركوع والسجود والكف عن الجماع والنية فهو منصرف بوضع الشرط لا بتغير الوضع وشدد النكير على مخالفيه وقال قد تبعهم شرذمة من الفقهاء الحائدين عن التحقيق وما راموا مرامهم بيد أنهم زلوا عن سواء الطريق وذهب إمام الحرمين والغزالي والإمام وأتباعه منهم صاحب الكتاب إلى التفصيل فاثبتوا من المنقولات الشرعية ما كان مجازا لغويا كما في الحقائق العرفية دون ما ليس كذلك بل كان منقولا عنها بالكلية وهذا معنى قول المصنف مجازات لغوية اشتهرت لا موضوعات مبتدأة أي لم تستعمل في المعنى اللغوي ولم يقطع النظر عنه حالة الاستعمال بل استعملت في هذه المعاني لما بينها وبين المعاني اللغوية من العلاقة فالصلاة مثلا لما كانت في اللغة عبارة عن الدعاء بخير قال الشاعر:
تقول بنتي وقد قربت مرتحلا ... يا رب جنب أبي الأوصاب والوجعا
عليك مثل الذي صليت فاعتمضي ... نوما فإن لجنب المرء مضطجعا
كانت بالمعنى اللغوي جزءا منها بالمعنى الشرعي لاشتمال ذات الأركان على الدعاء فكان إطلاقها على المعنى الشرعي من باب التسمية للشيء باسم بعضه وهو مجاز لغوي اشتهر وصار بالاشتهار حقيقة شرعية وكذلك الصوم فإنه في اللغة الإمساك قال الشاعر:
خيل صيام وخيل غير صائمة ... تحت العجاج وأخرى تعلك اللجما
وفي الشرع اسم للإمساك عن الطعام والشراب مع انضمام أمور أخر إليه وكذا الحج فإنه في اللغة القصد قال الشاعر:
واشهد من عرف حلولا كثيرة ... يحجون سب الزبرقان المزعفرا