متعددة وقد أهمل صاحب الكتاب ذكر الاستعمال لأن الحقيقة والمجاز مشتركان في افتقارهما إليه.
والثاني: أن الحقيقة لا تخل بالفهم وذلك ظاهر والمجاز يخل بالفهم فيكون مرجوحا والدليل على أنه يخل بالفهم وجهان:
أحدهما: أن اللفظ إذا تجرد عن القرينة فلا جائز أن يحمل على المجاز لعدم القرينة ولا على الحقيقة وإلا لزم الترجيح بدون مرجح إذ الحقيقة والمجاز متساويان على هذا التقدير.
والثاني: أن الحمل على المجاز يتوقف على قرينة تدل على أنه المراد وقد تخفى هذه القرينة على السامع فيحمل اللفظ على المعنى الحقيقي مع إرادة المجاز أو يختبط عليه الحال فيحمل على الذي ليس بمراد.
قال فإن غلب كالاطلاق تساويا والأولى الحقيقة عند أبي حنيفة والمجاز عند أبي يوسف رحمه الله تعالى.
ما تقدم من رجحان الحقيقة على المجاز إنما هو فيما إذا لم يعارض أصالة الحقيقة غلبة المجاز أما إذا غلب المجاز في الاستعمال فقال أبو حنيفة الحقيقة أولى لأن الحقيقة بحسب الأصل راجحة وكونها مرجوحة أمر عارض لا عبرة به.
وقال أبو يوسف المجاز أولى لكونه راجحا في الحال ومن الناس من قال يحصل التعارض لأن كل واحد على الآخر من وجه فيتعادلان ولا يحمل على أحدهما إلا بالنية وهذا ما اختاره المصنف.
قال الهندي وعزى ذلك إلى الشافعي وقد مثل المصنف لذلك بالطلاق فإنه حقيقة في إزالة القيد سواء كان عن نكاح أم ملك يد أم غيرها وخصه العرف بإزالة قيد النكاح ولذلك كان كناية في باب العتق محتاجا إلى النية بخلاف الطلاق هذا كلام المصنف وهو فيما اختاره في هذه المسألة وفيما مثل به متابع للإمام في كتاب المعالم فإنه كذلك فعل ثم أورد على ما ذكر في الطلاق بأنه يلزم ألا يصر إلى المجاز الراجح إلا بالنية وليس كذلك بدليل