أحدهما: أن يقول الواضع هذه حقيقة وذاك مجاز وتقول ذلك أئمة اللغة قال الهندي لأن الظاهر أنهم لم يقولوا ذلك إلا عن فقه.
والثاني: أن يقول الواضع هذه حقيقة أو هذا مجاز فيثبت بهذا أحدهما وهو ما نص عليه وزاد الإمام ثالثا وهو أن يذكروا خواصهما وفيه نظر فإنه يندرج في قسم الاستدلال ولا يعد من التنصيص وأما الاستدلال فبالعلامات وهذا القسم هو الذي ذكره المصنف وذكر فيه لكل من الحقيقة والمجاز علامتين:
العلامة الأولى: من علامتي الحقيقة تبادر الذهن إلى فهم المعنى من غير قرينة.
فإن قلت ماذكرتم منقوض طردا وعكسا أما الطرد فلأن المجاز المنقول والمجاز الراجح مما يتبادر معنى كل منهما المجازي من غير قرينة دون حقيقتيهما وأما العكس فلأن المشترك حقيقة في مدلولاته مع عدم تبادر شيء منها إلى فهم.
قلت أما المنقول فغير وارد لأن المنقول إليه إنما يتبادر لأنه حقيقة فيه وكونه مجاز فيه أيضا لا ينافي كونه حقيقة فيه لما عرفت من أن اللفظ الواحد قد يكون حقيقة ومجازا وأما عدم تبادر الحقيقة الأصلية فلصيرورتها الآن مجازا عرفيا وأما المجاز الراجح فقال صفي الدين الهندي هو نادر والتبادر في الأغلب يختص بالحقيقة وتخلف المدلول على الدليل الظني لا يقدح فيه ألا ترى أن الغيم الرطب في الشتاء دليل وجود المطر وتخلفه في بعض الأوقات لا يقدح في كونه دليلا عليه لا سيما في المباحث اللغوية والأمارات الإعرابية وأما اللفظ المشترك فأحسن ما يجب به عنه أن التعريف بالعلامة لا يشترط فيه الانعكاس.
والعلامة الثانية: العراء عن القرينة يعني أنا إذا سمعنا أهل اللغة يعبرون عن معنى واحد بعبارتين ويستعملون إحداهما بقرينة دون الأخرى