للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شرع في ذكر الوجوه العشرة على الترتيب المذكور فنقول النقل أولى من الاشتراك لأن المنقول مدلوله مقرر في الحالتين أي قبل النقل وبعده أما قبل النقل فلأن مدلوله المنقول عنه وهو اللغوي وأما بعده فلأن مدلوله المنقول إليه وهو الشرعي أو العرفي وإذا كان مدلوله مفردا لم يمتنع العمل به.

وأما المشترك فمدلوله متعدد في كل وقت فيكون المجمل لا يعمل به إلا بقرينة اللهم إلا أن يقال نحمله وما لا يمتنع العمل به أولى من عكسه مثال ذلك لفظ الزكاة فإنه يحتمل أن يكون مشتركا بين النماء والقدر المخرج من النصاب وأن يكون موضوعا للنماء فقط ثم نقله الشرع إلى القدر المخرج من النصاب فإذا تعارضا فالنقل أولى لما ذكرناه ومن أمثلته أن يقول الشافعي الفاتحة ركن في الصلاة لقوله صلى الله عليه وسلم: "كل صلاة لم يقرأ فيها بأم القرآن فهي خداج" ١ ولفظ الصلاة في عرف الشرع منقول إلى العبارة المخصوصة فوجب أن تكون الفاتحة ركنا فيقول الحنفي مذهب القاضي أن الشرع لم ينقل شيئا من الألفاظ بل الصلاة مشتركة بين الدعاء وبين المتابعة ومنه سمي الثاني في جلية السياق مصليا لكونه تابعا لصلوي الذي قبله وسميت هذه العبارة صلاة لما فيها من المتابعة للأئمة غالبا وذا كانت مشتركة كانت مجملة فيسقط الاستدلال بها حتى يدين الخصم رجحان اللفظ في أحدهما.

فنقول جعلها منقولة إلى العبارة المخصوصة أولى من الاشتراك لما تقرر.

ومنها أن يقول الشافعي الكلب نجس لقوله صلى الله عليه وسلم: "طهور إناء أحدكم إذا ولغ فيه الكلب أن يغسله سبعا" ٢ والطهارة في عرف الشرع منقولة إلى


١ حديث صحيح رواه أحمد والبخاري ومسلم من حديث أبي هريرة – رضي الله عنه – أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال: "من صلى صلاة لم يقرأ فيها بأم القرآن" وفي رواية بفاتحة الكتاب – فهو خداج هي خداج غير تمام".
٢ ولفظه كما عند مسلم وأبو داود والبيهقي عن أبي هريرة – رضي الله عنه – قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – "طهور إناء أحدكم إذا ولغ فيه الكلب أن يغسله سبع مرات أولاهن بالتراب".

<<  <  ج: ص:  >  >>