للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وغيرها من الآيات وإذا كان حقيقة في العقد لا يكون حقيقة في الوطء وإلا يلزم الاشتراك.

فإن قلت لولا ذلك لزم المجاز.

قلت المجاز خير من الاشتراك لما ذكرناه.

ومنها قولنا لا يجوز التوضؤ بالنبيذ لأن الله تعالى نص على سبيله الماء فوجب حصر السبب فيه عملا بالأصل الثاني لسببية غيره.

وإنما قلنا إن الله تعالى نص على سببية الماء لقوله تعالى: {وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُوراً} ١ والطهور هو الذي يتطهر به كالحنوط والسعوط الذي يتحنط به ويتسعط به فيقول الحنفي الأصل في فعول أن يكون تابعا لفاعل في القصر والتعدية وطاهر قاصر فطهور مثله فلو كان ههنا الذي يتطهر به للزم الاشتراك وعلى ما نقوله تكون صيغته هنا مجازا فإنه لا تكرار في طاهرية بماء السماء فالمجاز أولى من الاشتراك لما مر فتقول هو الترجيح مدفوع بقوله تعالى: {لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ} والباء للسببية فيدل على أن المراد الذي يفعل به التطهير.

قال الثالث: الإضمار خير منه لأن احتياجه إلى القرينة في صورة احتياج الاشتراك إليها في صورتين.

الإضمار أولى من الاشتراك لأنه لا يحتاج إلى القرينة إلا في صورة واحدة وهي صورة إرادة المعنى الإضماري بخلاف المشترك فإنه مفتقر إلى القرينة في جميع صوره إذ ليس البعض فيه أولى من البعض وفي بعض نسخ الكتاب بعد قوله في صوريتن مثل: {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ} أي أن لفظ القرية يحتمل أن يكون منقولا بالاشتراك على الأهل والأبنية ويحتمل أن يكون حقيقة في الأبنية فقط والأهل مضمر فيقول المناظر الإضمار أولى لما قلناه ومن أمثلته قولنا لا يجوز للأب أن يتزوج بجارية ابنه لقوله تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ} إلى قوله: {وَحَلائِلُ أَبْنَائِكُمُ} ٢ وجارية الابن حليلة.


١ سورة الفرقان آية: ٤٨.
٢ سورة النساء آية: ٢٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>