للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن أمثلته أن يقول المالكي يجزى رمضان كله نية واحدة من أوله لقوله صلى الله عليه وسلم: "لا صيام لم يبيت الصيام من الليل" ١ ووجه الاحتجاج أن الصيام منقول عن أصل الإمساك إلى الإمساك المخصوص والمعرف بأل يفيد العموم واستغراق الصوم إلى الأبد ورمضان من جملة ذلك فيكون مفهوم ذلك أن من بيت كان له الصوم وهذا قد ثبت فيقول الشافعي لا نسلم أنه منقول بل مجاز في إمساك جزء من الليل قبل الفجر ويكون من مجاز التعبير بالأعم عن الأخص فإن الشرع لم يصرح بتبييت الصوم وما ذكرناه محمل صالح له والمجاز أولى من النقل.

قال السادس: الإضمار خير منه لأنه مثل المجاز كقوله تعالى: {وَحَرَّمَ الرِّبا} فإن الأخذ مضمر والربا نقل إلى العقد.

الإضمار أولى من النقل لأن الإضمار مساو للمجاز لما سيأتي إن شاء الله تعالى والمجاز أولى من النقل لما مر مثاله قوله تعالى: {وَحَرَّمَ الرِّبا} فإن الربا هو زيادة والزيادة بعينها لا توصف بحل ولا حرمة فلا بد من تأويل فأضمرت طائفة الأخذ وقالت التقدير حرم أخذ الربا فإذا توافق البايع والمشتري على إسقاط الزيادة صح وقالت طائفة الربا نقل إلى العقد المشتمل على الزيادة وذلك لقرينة قوله: {أَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ} ٢ فإذن المنهي عنه نفس العقد سواء اتفقا على خط الزيادة أم لا فالأول أولى لأن الإضمار أولي من النقل.

قال السابع: التخصيص أولى لما تقدم مثل: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ} فإنه المبادلة مطلقا وخص الفاسد أو نقل إلى المستجمع لشرائط الصحة.

التخصيص أولى من النقل لأن التخصيص خير من المجاز لما سيأتي إن شاء الله والمجاز خير من النقل لما مر والخير من الخير خير مثاله قوله تعالى: {أَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ} فمن قائل البيع موضوع للمبادلة مطلقا وخص عنه


١ أخرجه ابن ماجه من حديث حفصة – رضي الله عنها – بلفظ "لا صيام لمن لم يفرضه من الليل".
٢ سورة البقرة آية: ٢٧٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>